كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ , وَلَمْ أَلْقَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ يُخَالِفُ فِي أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ , فَأَمَّا أَنْ يَشْدَخَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ بِالْحَجَرِ أَوْ يُتَابِعَ عَلَيْهِ ضَرْبَ الْعَصَا أَوْ السِّيَاطِ مُتَابَعَةً الْأَغْلَبُ أَنَّ مِثْلَهُ لاَ يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهَا فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ بِالضَّرْبَةِ بِالسِّكِّينِ وَالْحَدِيدَةِ الْخَفِيفَةِ فِي الرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَعْجَلُ قَتْلاً وَأَحْرَى أَنْ لاَ يَعِيشَ أَحَدٌ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ . .
الْحُكْمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : مِنْ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيَتْهُ فَحَدَّثَنِيهِ وَبَلَغَنِي عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَبَايُنٌ فِي الْفَضْلِ وَيَكُونُ بَيْنَهَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْجِيرَانِ مِنْ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَكَانَ بَعْضُهَا يَعْرِفُ لِبَعْضٍ الْفَضْلَ فِي الدِّيَاتِ حَتَّى تَكُونَ دِيَةُ الرَّجُلِ الشَّرِيفِ أَضْعَافَ دِيَةِ الرَّجُلِ دُونَهُ , فَأَخَذَ بِذَلِكَ بَعْضٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهَا بِأَقْصَدَ مِمَّا كَانَتْ تَأْخُذُ بِهِ فَكَانَتْ دِيَةُ النَّضِيرِي ضِعْفَ دِيَةِ الْقُرَظِيِّ , وَكَانَ الشَّرِيفُ مِنْ الْعَرَبِ إذَا قُتِلَ يُجَاوَزُ قَاتِلُهُ إلَى مَنْ لَمْ يَقْتُلْهُ مِنْ أَشْرَافِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي قَتَلَهُ أَحَدُهَا وَرُبَّمَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِعَدَدٍ يَقْتُلُونَهُمْ فَقَتَلَ بَعْضُ غَنِيٍّ شَأْسِ بْنِ زُهَيْرٍ فَجَمَعَ عَلَيْهِمْ أَبُوهُ زُهَيْرُ بْنُ جَذِيمَةَ فَقَالُوا لَهُ أَوْ بَعْضُ مَنْ نُدِبَ عَنْهُمْ : سَلْ فِي قَتْلِ شَأْسٍ فَقَالَ : إحْدَى ثَلاَثٍ لاَ يُغْنِينِي غَيْرُهَا , قَالُوا : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : تُحْيُونَ لِي شَأْسًا أَوْ تَمْلَئُونَ رِدَائِي مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ أَوْ تَدْفَعُونَ إلَيَّ غَنِيًّا بِأَسْرِهَا فَأَقْتُلَهَا , ثُمَّ لاَ أَرَى أَنِّي أَخَذْت مِنْهُ عِوَضًا . وَقُتِلَ كُلَيْبُ وَائِلٍ فَاقْتَتَلُوا دَهْرًا طَوِيلاً وَاعْتَزَلَهُمْ بَعْضُهُمْ فَأَصَابُوا ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ بُجَيْرٍ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ : قَدْ عَرَفْتُمْ عُزْلَتِي فَبُجَيْرٌ بِكُلَيْبٍ وَكُفُّوا عَنْ الْحَرْبِ فَقَالُوا : بُجَيْرٍ بِشِسْعِ نَعْلِ كُلَيْبٍ فَقَاتَلَهُمْ وَكَانَ مُعْتَزِلاً .@
الصفحة 22
648