كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

عَفَوْت عَنْهُ مَا لَزِمَهُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَيَّ مِنْ عَقْلٍ وَقَوَدٍ فَلَمْ يَمُتْ مِنْ الْجِنَايَةِ وَصَحَّ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ الْعَفْوُ فِيمَا لَزِمَهُ بِالْجِنَايَةِ نَفْسِهَا وَلَمْ يَجُزْ فِيمَا لَزِمَهُ بِزِيَادَتِهَا ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ لَهُ يَوْمَ عَفَا , وَلَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً بِحَالٍ وَكَانَتْ كَهِبَةٍ وَهَبَهَا مَرِيضًا , ثُمَّ صَحَّ فَتَجُوزُ جَوَازَ هِبَةِ الصَّحِيحِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَمْ يَصِحَّ حَتَّى جَرَحَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَخَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَاتِلاً كَانَ أَرْشُ الْجُرْحِ كُلِّهِ وَصِيَّةً جَائِزَةً يُضْرَبُ بِهَا مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ . ( قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ قَاتِلٌ مَعَ غَيْرِهِ فَلاَ تَجُوزُ لَهُ وَصِيَّةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَارِحُ الثَّانِي قَدْ ذَبَحَهُ أَوْ قَطَعَهُ بِاثْنَيْنِ فَيَكُونُ هُوَ الْقَاتِلَ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْقَاتِلُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ قَدْ عَفَوْت عَنْهُ الْجِنَايَةَ وَمَا يَحْدُثُ فِيهَا وَمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا مِنْ عَقْلٍ وَقَوَدٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَلاَ سَبِيلَ إلَى الْقَوَدِ بِحَالِ الْعَفْوِ عَنْهُ وَالنَّظَرِ إلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ نَفْسِهَا فَكَانَ فِيهَا قَوْلاَنِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ جَائِزُ الْعَفْوِ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْعَافِي عَنْهُ كَأَنْ كَانَ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَعَفَا عَقْلَهَا وَقَوَدَهَا فَيُرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الدِّيَةِ نِصْفُ عُشْرِهَا ; لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَةِ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ ; لِأَنَّهُ عَفَا عَمَّا لَمْ يَجِبْ لَهُ فَلاَ يَجُوزُ عَفْوُهُ فِيهِ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنْ يُؤْخَذَ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ ; لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا وَهَذَا قَاتِلٌ لاَ تَجُوزُ لَهُ وَصِيَّةٌ بِحَالٍ ( قَالَ الرَّبِيعُ ) وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ , ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا وَعَفَا جَازَ لَهُ الْعَفْوُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الثُّلُثِ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ لَهُ أَكْثَرَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ نَقَصَ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي ; لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا وَهَذَا قَاتِلٌ .@

الصفحة 40