كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
,فلا قِصَاصٌ إذَا لَمْ يُثْبِتَا الْيَدَ الَّتِي قَطَعَ وَعَلَى الْجَانِي الْأَرْشُ فِي مَالِهِ ; لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا قَطْعَ يَدِهِ وَلَوْ قَالاَ قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ وَلَمْ يُثْبِتَا أَيَّ الْيَدَيْنِ هِيَ أَيَدُهُ الْمَقْطُوعَةُ هِيَ أَمْ يَدُهُ الْأُخْرَى قِيلَ أَنْتُمْ ضُعَفَاءُ لَيْسَتْ لَهُ إلَّا يَدَانِ بَيِّنُوا فَإِنْ فَعَلُوا قَبِلْت وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا قَبِلْت وَقُضِيَ عَلَيْهِ وَكَانَ هَؤُلاَءِ ضُعَفَاءَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَكَذَا فِي رِجْلَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَكُلِّ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ إلَّا اثْنَانِ فَقُطِعَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا قَطَعَ يَدَ هَذَا وَقَالَ هَذَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ هَذَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَ عَمْدًا لِاخْتِلاَفِهِمَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُبَرِّئُ الْجَانِيَ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي زَعَمَ الْآخَرُ أَنَّهُ فَعَلَ فِيهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَتَلَ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ قَتَلَ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ أَنَّهُ قَتَلَ إنْسَانًا بِمِصْرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ جَرَحَهُ أَوْ أَصَابَ حَدًّا سَقَطَ كُلُّ هَذَا عَنْهُ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تُبَرِّئُهُ مِمَّا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ الْأُخْرَى وَهَذَا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ سَوَاءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَدْ كَانَ وَالْآخَرُ لَمْ يَكُنْ وَبَطَلَتَا مَعًا عَنْهُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِإِحْدَاهُمَا لَيْسَ بِأَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْأُخْرَى وَأُحَلِّفُ كَمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلاَ بَيِّنَةٍ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي يُظَاهِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَخْبَارِ الَّتِي تُقَرُّ فِي نَفْسِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَمَا قَالُوا لاَ يَبْرَأُ مِنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً بِمَعْنَى غَيْرِهِمْ فَيَكُونُ فِي هَذَا الْقَسَامَةُ وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِدَلاَلَةٍ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ بَاطِلاً ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُكَذِّبُ الْآخَرَ وَلاَ يَكُونُ قَاتِلاً لَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَكَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ بُكْرَةً وَالْآخَرُ أَنَّهُ عَشِيَّةً وَالْآخَرُ أَنَّهُ خَنَقَهُ حَتَّى مَاتَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةً مُتَضَادَّةً لاَ تَلْزَمُهُ .@
الصفحة 46