كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
فِي أَصْلٍ وَلاَ فَرْعٍ وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الْعَالِمِينَ وَالْجَاهِلِينَ بِأَنَّ الْعَالَمِينَ عَلِمُوا الْأُصُولَ فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُتْبِعُوهَا الْفُرُوعَ فَإِذَا زَيَّلُوا بَيْنَ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ فَأَخْرَجُوا الْفُرُوعَ مِنْ مَعَانِي الْأُصُولِ كَانُوا كَمَنْ قَالَ بِلاَ عِلْمٍ أَوْ أَقَلَّ عُذْرًا مِنْهُ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا مَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ عِلْمٍ بِهِ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ مَعًا , فَإِنْ قَالَ قَدْ يَغْبَوْنَ فِعْلَهُمْ قُلْت وَمَنْ غَبِيَ عَنْهُ مِثْلُ هَذَا الْوَاضِحِ كَانَ حَقُّهُ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُعَالِجَ الْفُتْيَا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُخْطِئَ فِيهِ أَحَدٌ لِوُضُوحِهِ.
تَفْرِيعُ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَلَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ? مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ ? فَكَانَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ? الآيَةَ. دَلاَلَةً عَلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ لاَ عَلَى مَا جَعَلْتُمْ وَكَانَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ لاَ يَنْفُذَ مَا جَعَلْتُمْ وَكَانَتْ الْبَحِيرَةُ وَالْوَصِيلَةُ وَالْحَامُ مِنْ الْبَهَائِمِ الَّتِي لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا عِتْقٌ وَكَانَ مَالِكُهَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِ مِلْكِ آدَمِيٍّ مِثْلُهُ وَكَانَتْ الْأَمْوَالُ لاَ تَمْلِكُ شَيْئًا إنَّمَا يَمْلِكُ الْآدَمِيُّونَ كَانَ الْمَرْءُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا إلَى غَيْرِ مَالِكٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرِ عَيْنِهِ كَمَنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا وَكَانَ ثَابِتًا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ وَكَانَ أَصْلُ هَذَا الْقَوْلِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكُلُّ مَنْ أَخْرَجَ مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ غَيْرَ الْآدَمِيِّينَ فَقَالَ قَدْ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ قَدْ قَطَعْت مِلْكِي عَنْ هَذَا أَوْ وَهَبْت هَذَا أَوْ بِعْته أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ وَلَمْ يُسَمِّ مَنْ وَهَبَهُ لَهُ وَلاَ بَاعَهُ إيَّاهُ وَلاَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ بِعَيْنٍ وَلاَ صِفَةٍ كَانَ قَوْلُهُ بَاطِلاً وَكَانَ فِي مِلْكِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ مَا كَانَ حَيًّا بِحَالٍ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى آدَمِيٍّ يُعَيِّنُهُ@
الصفحة 470