كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
قَدْ يَكُونُ هَذَا فِي الْبَاطِنِ مُحَرَّمًا عَلَى مَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَأَبَاحَ الْقَضَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ وَدَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْإِمَامِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً لِقَوْلِهِ: ? فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْهُ ? وَدَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ حَقٍّ وَجَبَ لِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ فَأَقْرَرْت بِخِلاَفِهِ أَنَّ قَوْلِي أَوْلَى لِقَوْلِهِ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ فِي الظَّاهِرِ فَلاَ يَأْخُذْهُ إذَا كَانَ فِي الْبَاطِنِ لَيْسَ لَهُ وَأَنَّ الْبَاطِنَ إذَا تَبَيَّنَ بِإِقْرَارِهِ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ أَنْ لاَ يَأْخُذَ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذْهُ فَهُوَ غَيْرُ آخِذٍ فَأَبْطَلَ إقْرَارَهُ بِأَنْ لاَ حَقَّ لَهُ فِيمَا قَضَى لَهُ بِهِ مِنْ الْحَقِّ وَدَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى النَّاسِ يَجِيءُ عَلَى نَحْوِ مَا يَسْمَعُ مِنْهُمْ مِمَّا لَفَظُوا بِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نِيَّاتُهُمْ أَوْ غَيْبُهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ " فَمَنْ قَضَيْت لَهُ فَلاَ يَأْخُذْ " إذْ الْقَضَاءُ عَلَيْهِمْ إنَّمَا هُوَ بِمَا لَفَظُوا بِهِ لاَ بِمَا غَابَ عَنْهُ. وَقَدْ وَكَّلَهُمْ فِيمَا غَابَ عَنْهُ مِنْهُمْ بِنِيَّةٍ أَوْ قَوْلٍ إلَى أَنْفُسِهِمْ وَدَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِمَا لَفَظَ وَأَنْ لاَ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَيَّبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ أَمْرِهِ مِنْ نِيَّةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ ظَنٍّ أَوْ تُهْمَةٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - " عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ " وَإِخْبَارُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مَنْ قَضَيْت لَهُ فَلاَ يَأْخُذْهُ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى مَا يَسْمَعُ مِنْهُمَا وَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَاطِنِ عَلَيْهِمَا غَيْرَ مَا قَضَى عَلَيْهِمَا بِمَا لَفَظَا بِهِ قَضَى بِمَا سَمِعَ وَوَكَّلَهُمْ فِيمَا غَابَ إلَى أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ قَضَى بِتَوَهُّمٍ مِنْهُ عَلَى سَائِلِهِ أَوْ بِشَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ خَلْقٌ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ مَا سَمِعَ مِنْ السَّائِلِينَ فَخِلاَفُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَادَّعَى هَذَا عِلْمَهُ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِمَا سَمِعَ وَأَخْبَرَ أَنْ قَدْ يَكُونُ غَيْبُهُمْ غَيْرَ ظَاهِرِهِمْ لِقَوْلِهِ: ? فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ فَلاَ يَأْخُذْهُ ? وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْلَى النَّاسِ بِعِلْمِ هَذَا لِمَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَكَرَامَتِهِ الَّتِي اخْتَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ النُّبُوَّةِ وَنُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ فَوَكَّلَهُمْ فِي غَيْبِهِمْ إلَى أَنْفُسِهِمْ وَادَّعَى هَذَا عِلْمَهُ وَمِثْلُ هَذَا قَضَاؤُهُ لِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ بِالْوَلَدِ وَقَوْلِهِ لِسَوْدَةِ: ? احْتَجِبِي مِنْهُ ? عِنْدَمَا رَأَى@
الصفحة 493