كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

أَجْتَهِدُ رَأْيِي قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُحِبُّ رَسُولُ اللَّهِ ? فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الِاجْتِهَادَ بَعْدَ أَنْ لاَ يَكُونَ كِتَابُ اللَّهِ وَلاَ سُنَّةُ رَسُولِهِ. وَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ? وَمَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ثُمَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي قَوْلِهِ إذَا اجْتَهَدَ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَيْسَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَكِتَابُ اللَّهِ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَوْلَى مِنْ رَأْيِ نَفْسِهِ وَمَنْ قَالَ الِاجْتِهَادُ أَوْلَى خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِرَأْيِهِ ثُمَّ هُوَ مِثْلُ الْقِبْلَةِ الَّتِي مَنْ شَهِدَ مَكَّةَ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ الْبَيْتِ بِالْمُعَايَنَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ غَيْرُ مُعَايَنَتِهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا تَوَجَّهَ إلَيْهَا بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ عَلَى غَيْرِ كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ " وَقَالَ مُعَاذٌ أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَرَضِيَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي وَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا اجْتَهَدَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ قِيلَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ? فَجَعَلَ النَّاسَ تَبَعًا لَهُمَا ثُمَّ لَمْ يُهْمِلْهُمْ وَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إلَيْك مِنْ رَبِّك ? وَلِقَوْلِهِ: ? مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ? فَفَرَضَ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ رَسُولِهِ فَإِذَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ هُمَا الْأَصْلاَنِ اللَّذَانِ افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لاَ مُخَالِفَ فِيهِمَا وَهُمَا عَيْنَانِ ثُمَّ قَالَ " إذَا اجْتَهَدَ " فَالِاجْتِهَادُ لَيْسَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِاتِّبَاعِ نَفْسِهِ إنَّمَا أُمِرَ بِاتِّبَاعِ غَيْرِهِ فَإِحْدَاثُهُ عَلَى الْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ إحْدَاثِهِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ أَمَرَ بِاتِّبَاعِهِ وَهُوَ رَأْيُ نَفَسِهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِاتِّبَاعِهِ فَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ نَفْسَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ @

الصفحة 496