كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
وَسُنَّةَ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُمَا أَنْ يَجْتَهِدَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ بِرَأْيِهِ بِغَيْرِ قِيَاسٍ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ عَلَى غَيْرِ كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ فَلاَ يَعْدُو أَنْ يُصِيبَ أَوْ يُخْطِئَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْأُصُولِ الَّتِي أُمِرَ بِاتِّبَاعِهَا فَيَكُونُ إذَا اجْتَهَدَ عَلَيْهَا مُؤَدِّيًا لِفَرْضِهِ فَقَدْ أَبَاحَ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَجَهِلَهُمَا أَنْ يَكُونَ رَأْيَ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْهَلَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ مِثْلُ رَأْيِ مَنْ عَلِمَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَصْلُهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَهُمَا وَاجْتَهَدَ عَلَى غَيْرِهِمَا جَازَ لَهُ فَمَا مَعْنَى مَنْ عَلِمَهُمَا وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْهُمَا فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِمَا إلَّا سَوَاءٌ ؟ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي عَلِمَهُمَا يَفْضُلُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْهُمَا بِمَا نَصَّا فَقَطْ فَأَمَّا بِمَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فَكَانَ قَدْ جَعَلَ الْعَالِمِينَ وَالْجَاهِلِينَ فِي دَرْكِ عِلْمِ مَا لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ سَوَاءً فَكَانَ لِلْجَاهِلِينَ إذَا نَزَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ بِمَا يُسْتَدْرَكُ قِيَاسًا أَنْ يَكُونَ هُوَ فِيهِ وَالْعَالِمُ سَوَاءً وَأَنْ يَقْتَدِيَ بِرَأْيِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَالِمُ عِنْدَهُ إنَّمَا يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ فَأَكْثَرُ حَالاَتِ الْجَاهِلِ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ فَاسْتَوَيَا فِي هَذَا الْمَعْنَى وَلَكَانَ كُلُّ مَنْ رَأَى رَأْيًا فَاسْتَحْسَنَهُ جَاهِلاً كَانَ أَوْ عَالِمًا جَازَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ وَلَيْسَ كُلُّ الْعِلْمِ يُوجَدُ فِيهِ كِتَابٌ وَسُنَّةٌ نَصًّا وَكَانَ قَدْ جَعَلَ رَأْيَ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ مِنْهُمْ أَصْلاً يُتَّبَعُ كَمَا تُتَّبَعُ السُّنَّةُ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَ الِاجْتِهَادَ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَرَآهُ حَقًّا لَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَهَذَا خِلاَفُ الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ فِيهِ اتِّبَاعَهُ وَاتِّبَاعَ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَزَادَ قَائِلُ هَذَا وَاتِّبَاعُ نَفْسِك فَأَقَامَ النَّاسَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَقَامًا عَظِيمًا بِغَيْرِ شَيْءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ وَلاَ رَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ قِيلَ @
الصفحة 499