كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
الْمُسْتَشَارِينَ أَوْ الْمُسْتَشَارِ مِنْهُمْ وَالرِّضَا بِالصُّلْحِ عَلَى ذَلِكَ وَوَضْعِ الْحَرْبِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لاَ أَنَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَةً إلَى مَشُورَةِ أَحَدٍ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤَيِّدُهُ بِنَصْرِهِ بَلْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالطَّوْلُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَبِجَمِيعِ الْخَلْقِ الْحَاجَةُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ اُحْكُمْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَأَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُنَّةً فِي مِثْلِ هَذَا فَحَكَمَ عَلَى مِثْلِهَا أَوْ يَحْكُمَ فَيُوَفِّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِأَمْرِ رَسُولِهِ فَيَعْرِفَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوَابَ ذَلِكَ فَيُقِرَّهُ عَلَيْهِ أَوْ يَعْرِفَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ قِيلَ فَيَحْكُمُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قَدْ يُخْطِئُ؟ قِيلَ نَعَمْ وَلاَ يَبْرَأُ أَحَدٌ مِنْ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الْخَطَأِ إلَّا الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ كَمَا وَلَّى أُمَرَاءَ فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ مَا كَرِهَ بِرَأْيِهِ عَلَى مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ مِنْهُمْ لِلدِّينِ فَرَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَجَازَ لَهُمْ مَا عَمِلُوا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ لِأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا كَانَ يَجُوزُ هَذَا مِنْ سُنَّتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَصَّهُ بِوَحْيِهِ وَانْتَخَبَهُ لِرِسَالَتِهِ فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ مِنْ أَحَدِ أُمَرَائِهِ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ فَبِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَقَرَّهُمْ وَمَا كَرِهَ لَهُمْ بِأَنْ كَانُوا فَعَلُوهُ طَلَبَ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَبِطَاعَةِ اللَّهِ كَرِهَ لَهُمْ وَلَيْسَ يَعْلَمُ مِثْلَ هَذَا مَنْ رَأَى أَحَدٌ صَوَابَهُ مِنْ خَطَئِهِ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ بِرَأْيِهِ لِأَنَّهُ لاَ مُبَيِّنَ لِرَأْيِهِ أَصَوَابٌ هُوَ أَمْ خَطَأٌ وَإِنَّمَا عَلَى النَّاسِ أَنْ يَتَّبِعُوا طَاعَةَ اللَّهِ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِذَا غَبِيَ عِلْمُهُمَا عَلَى أَحَدٍ فَالدَّلاَئِلُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِعِبَادِهِ وَأَمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَكَلُوا الْحُوتَ بِغَيْرِ حُضُورِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِلاَ أَصْلٍ عِنْدَهُمْ؟ قِيلَ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إلَى أَكْلِهِ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حِلِّهِ. أَلاَ تَرَى أَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ أَوْ لاَ تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ أَبِي قَتَادَةَ فِي الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ إذْ لَمْ يَكُنْ بِهِمْ@
الصفحة 503