كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

ضَرُورَةٌ إلَى أَكْلِهِ أَمْسَكُوا إذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَصْلٌ حَتَّى سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ ؟
مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : أُحِبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُشَاوِرَ وَلاَ يُشَاوِرَ فِي أَمْرِهِ إلَّا عَالِمًا بِكِتَابٍ وَسُنَّةٍ وَآثَارٍ وَأَقَاوِيلِ النَّاسِ وَعَاقِلاً يَعْرِفُ الْقِيَاسَ وَلاَ يُحَرِّفُ الْكَلاَمَ وَوُجُوهَهُ وَلاَ يَكُونُ هَذَا فِي رَجُلٍ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَلاَ يُشَاوِرُهُ إذَا كَانَ هَذَا مُجْتَمِعًا فِيهِ حَتَّى يَكُونَ مَأْمُونًا فِي دِينِهِ لاَ يَقْصِدُ إلَّا قَصْدَ الْحَقِّ عِنْدَهُ وَلاَ يَقْبَلُ مِمَّنْ كَانَ هَكَذَا عِنْدَهُ شَيْئًا أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى حَالٍ حَتَّى يُخْبِرَهُ أَنَّهُ أَشَارَ بِهِ مِنْ خَبَرٍ يَلْزَمُ وَذَلِكَ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إجْمَاعٌ أَوْ مِنْ قِيَاسٍ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلاَ يَقْبَلُ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ هَذَا لَهُ حَتَّى يَعْقِلَ مِنْهُ مَا يَعْقِلُ فَيَقِفَهُ عَلَيْهِ فَيَعْرِفَ مِنْهُ مَعْرِفَتَهُ وَلاَ يَقْبَلَهُ مِنْهُ وَإِنْ عَرَفَهُ هَكَذَا حَتَّى يَسْأَلَ هَلْ لَهُ وَجْهٌ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الَّذِي قَالَ ؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الَّذِي قَالَ أَوْ كَانَتْ سُنَّةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي رِوَايَتِهَا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ لِلْقُرْآنِ وَجْهَانِ أَوْ كَانَتْ سُنَّةٌ رُوِيَتْ مُخْتَلِفَةً أَوْ سُنَّةٌ ظَاهِرُهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ لَمْ يَعْمَلْ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يَجِدَ دَلاَلَةً مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي عَمِلَ بِهِ هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي يَلْزَمُهُ وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي تَرَكَهُ وَهَكَذَا يَعْمَلُ فِي الْقِيَاسِ لاَ يَعْمَلُ بِالْقِيَاسِ أَبَدًا حَتَّى يَكُونَ أَوْلَى بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ أَصَحَّ فِي الْمَصْدَرِ مِنْ الَّذِي تَرَكَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ اسْتَحْسَنْت لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَ لِنَفْسِهِ اسْتَحْسَنْت أَجَازَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُشَرِّعَ فِي الدِّينِ وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ دَهْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَبَيْنَ فَضْلاً فِي الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ مِنْهُ وَلاَ يَقْضِي أَبَدًا إلَّا بِمَا يَعْرِفُ وَإِنَّمَا أَمَرْته بِالْمَشُورَةِ لِأَنَّ الْمُشِيرَ يُنَبِّهُهُ لِمَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَيَدُلُّهُ مِنْ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا لَعَلَّهُ@

الصفحة 504