كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

أَنْ يَجْهَلَهُ . فَأَمَّا أَنْ يُقَلِّدَ مُشِيرًا فَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِذَا اجْتَمَعَ لَهُ عُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ أَوْ افْتَرَقُوا فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ لاَ يَقْبَلُهُ إلَّا تَقْلِيدًا لِغَيْرِهِمْ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ يَدُلُّونَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْقِلَهُ كَمَا عَقَلُوهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَقْلِهِ مَا إذَا عَقَلَ الْقِيَاسَ عَقَلَهُ وَإِذَا سَمِعَ الِاخْتِلاَفَ مَيَّزَهُ فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْضِيَ وَلاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَقْضِيَهُ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى أَنْ يَجْمَعَ الْمُخْتَلِفِينَ لِأَنَّهُ أَشَدُّ لِتَقَصِّيهِ الْعِلْمَ وَلِيَكْشِفَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ , يَعِيبُ بَعْضُهُمْ قَوْلَ بَعْضٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَصَحَّ الْقَوْلَيْنِ عَلَى التَّقْلِيدِ أَوْ الْقِيَاسِ .
حُكْمُ الْقَاضِي
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِحُكْمٍ ثُمَّ رَأَى الْحَقَّ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ رَأَى الْحَقَّ فِي الْحَادِثِ بِأَنَّهُ كَانَ خَالَفَ فِي الْأَوَّلِ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا أَوْ أَصَحَّ الْمَعْنَيَيْنِ فِيمَا احْتَمَلَ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ نَقَضَ قَضَاءَهُ الْأَوَّلَ عَلَى نَفْسِهِ وَكُلَّ مَا نَقَضَ عَلَى نَفْسِهِ نَقَضَهُ عَلَى مَنْ قَضَى بِهِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ مِمَّنْ كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ إنَّمَا رَأَى قِيَاسًا مُحْتَمَلاً أَحْسَنَ عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ قَضَى بِهِ مِنْ قَبْلُ وَاَلَّذِي قَضَى بِهِ قَبْلُ يَحْتَمِلُ الْقِيَاسَ لَيْسَ الْآخَرُ بِأَبْيَنَ حَتَّى يَكُونَ الْأَوَّلُ خَطَأً فِي الْقِيَاسِ يَسْتَأْنِفُ الْحُكْمَ فِي الْقَضَاءِ الْآخَرِ بِاَلَّذِي رَأَى آخِرًا وَلَمْ يَنْقُضْ الْأَوَّلَ وَمَا لَمْ يَنْقُضْهُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَنْقُضْهُ عَلَى أَحَدٍ حَكَمَ بِهِ قَبْلَهُ وَلاَ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُنَفِّذًا لَهُ وَإِنْ كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ قَاضٍ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُبْتَدِئُ الْحُكْمِ فِيهِ وَلاَ يَبْتَدِئُ الْحُكْمَ بِمَا يَرَى غَيْرَهُ أَصْوَبَ مِنْهُ , وَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَتَعَقَّبَ حُكْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ تَظَلَّمَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ قَبْلَهُ نَظَرَ فِيمَا تَظَلَّمَ فِيهِ فَإِنْ وَجَدَهُ قَضَى عَلَيْهِ بِمَا وَصَفْت فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى مِنْ خِلاَفِ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ فَهَذَا خَطَأٌ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ لاَ يَسْعَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خِلاَفَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ أَوْ كَانَ يَرَاهُ بَاطِلاً بِأَنَّ قِيَاسًا عِنْدَهُ أَرْجَحُ مِنْهُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْقِيَاسَ لَمْ يَرُدَّهُ لِأَنَّهُ إذَا @

الصفحة 505