كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
يُخْبِرَهُ بِمَنْ شَهِدُوا لَهُ , وَشَهِدُوا عَلَيْهِ وَقَدْرَ مَا شَهِدُوا فِيهِ فَإِنَّ الْمَسْئُولَ عَنْ الرَّجُلِ قَدْ يَعْرِفُ مَا لاَ يَعْرِفُ الْحَاكِمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَدُوًّا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ حَنَقًا عَلَيْهِ أَوْ شَرِيكًا فِيمَا شَهِدَ فِيهِ وَتَطِيبُ نَفْسُهُ عَلَى تَعْدِيلِهِ فِي الْيَسِيرِ وَيَقِفُ فِي الْكَثِيرِ , وَلاَ يَقْبَلُ تَعْدِيلَهُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَلاَ الْمَسْأَلَةَ عَنْهُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَيُخْفِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَسْمَاءَ مَنْ دَفَعَ إلَى الْآخَرِ لِتَتَّفِقَ مَسْأَلَتُهُمَا أَوْ تَخْتَلِفَ فَإِنْ اتَّفَقَتْ بِالتَّعْدِيلِ قَبِلَهَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَعَادَهَا مَعَ غَيْرِهِمَا فَإِنْ عُدِّلَ رَجُلٌ وَجُرِحَ لَمْ يَقْبَلْ الْجَرْحَ إلَّا مِنْ شَاهِدَيْنِ وَكَانَ الْجَرْحُ أَوْلَى مِنْ التَّعْدِيلِ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ يَكُونُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْجَرْحَ يَكُونُ عَلَى الْبَاطِنِ . ( قَالَ ) وَلاَ يَقْبَلُ الْجَرْحَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَقِيهٍ عَاقِلٍ دَيِّنٍ وَلاَ غَيْرِهِ إلَّا بِأَنْ يَقِفَهُ عَلَى مَا يَجْرَحُهُ بِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَ الْحَاكِمِ قِبَلَهُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ جَرْحًا عِنْدَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ وَيَتَبَايَنُونَ فِي الْأَهْوَاءِ فَيَشْهَدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْكُفْرِ فَلاَ يَجُوزُ لِحَاكِمٍ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ رَجُلٍ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلاَ رِضًا وَلَعَمْرِي إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ كَافِرًا لِغَيْرِ عَدْلٌ , وَكَذَلِكَ يُسَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى الِاخْتِلاَفِ بِالْفِسْقِ وَالضَّلاَلِ فَيَجْرَحُونَهُمْ فَيَذْهَبُ مَنْ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فَيَجْرَحُونَهُمْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ هَذَا بِمَوْضِعِ جَرْحٍ لِأَحَدٍ , وَكَذَلِكَ مَنْ يَجْرَحُ مَنْ يَسْتَحِلُّ بَعْضَ مَا يُحَرِّمُ هُوَ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَمِنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلاَ يَقْبَلُ الْجَرْحَ إلَّا بِالشَّهَادَةِ مِنْ الْجَارِحِ عَلَى الْمَجْرُوحِ وَبِالسَّمَاعِ أَوْ بِالْعِيَانِ كَمَا لاَ يَقْبَلُهَا عَلَيْهِ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ الْحَقِّ وَأَكْثَرُ مَنْ نُسِبَ إلَى أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُ بَغْيًا حَتَّى يَعْتَدَّ الْيَسِيرَ الَّذِي لاَ يَكُونُ جَرْحًا@
الصفحة 508