كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
فِي تَأْوِيلِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِلُّ مَنْ خَالَفَهُ الْخَطَأَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُعْرَفُ بِاسْتِحْلاَلِ شَهَادَةِ الزُّورِ عَلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ يَرَاهُ حَلاَلَ الدَّمِ أَوْ حَلاَلَ الْمَالِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِالزُّورِ أَوْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِلُّ أَوْ يَرَى الشَّهَادَةَ لِلرَّجُلِ إذَا وَثِقَ بِهِ فَيَحْلِفُ لَهُ عَلَى حَقِّهِ وَيَشْهَدُ لَهُ بِالْبَتِّ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ مِنْ قِبَلِ اسْتِحْلاَلِهِ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ أَوْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُبَايِنُ الرَّجُلَ الْمُخَالِفَ لَهُ مُبَايَنَةَ الْعَدَاوَةِ لَهُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَدَاوَةِ فَأَيُّ هَذَا كَانَ فِيهِمْ أَوْ فِي غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لاَ يُنْسَبُ إلَى هَوًى رَدَدْت شَهَادَتَهُ وَأَيُّهُمْ سَلِمَ مِنْ هَذَا أَجَزْت شَهَادَتَهُ وَشَهَادَةَ مَنْ يَرَى الْكَذِبَ شِرْكًا بِاَللَّهِ أَوْ مَعْصِيَةً لَهُ يُوجِبُ عَلَيْهَا النَّارَ أَوْلَى أَنْ تَطِيبَ النَّفْسُ عَلَيْهَا مِنْ شَهَادَةِ مَنْ يُخَفِّفُ الْمَأْثَمَ عَلَيْهَا . وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا مِمَّا يَشْتُمُ قَوْمًا عَلَى وَجْهِ تَأْوِيلٍ فِي شَتْمِهِمْ لاَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَذَلِكَ أَنَّا إذَا أَجَزْنَا شَهَادَتَهُمْ عَلَى اسْتِحْلاَلِ الدِّمَاءِ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ بِشَتْمِ الرِّجَالِ أَوْلَى أَنْ لاَ تُرَدَّ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالشَّتْمُ أَخَفُّ مِنْ الْقَتْلِ فَأَمَّا مَنْ يَشْتُمُ عَلَى الْعَصَبِيَّةِ أَوْ الْعَدَاوَةِ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى ادِّعَائِهِ أَنْ يَكُونَ مَشْتُومًا مُكَافِئًا بِالشَّتْمِ فَهَذِهِ الْعَدَاوَةُ لِنَفْسِهِ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَمَّنْ شَتَمَهُ عَلَى الْعَدَاوَةِ . وَأَمَّا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَيَقُولُ كُفُّوا عَنْ حَدِيثِهِ وَلاَ تَقْبَلُوا حَدِيثَهُ لِأَنَّهُ يَغْلَطُ أَوْ يُحَدِّثُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ , وَلَيْسَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ عَدَاوَةٌ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْأَذَى الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْقَائِلُ لِهَذَا فِيهِ مَجْرُوحًا عَنْهُ لَوْ شَهِدَ بِهَذَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ بِعَدَاوَةٍ لَهُ فَتُرَدَّ بِالْعَدَاوَةِ لاَ بِهَذَا الْقَوْلِ , وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنَّهُ لاَ يُبْصِرُ الْفُتْيَا وَلاَ يَعْرِفُهَا فَلَيْسَ هَذَا بِعَدَاوَةٍ وَلاَ غِيبَةٍ إذَا كَانَ يَقُولُهُ لِمَنْ يَخَافُ أَنْ يَتَّبِعَهُ فَيُخْطِئَ بِاتِّبَاعِهِ وَهَذَا مِنْ مَعَانِي الشَّهَادَاتِ وَهُوَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا غِيبَةٌ إنَّمَا الْغِيبَةُ أَنْ يُؤْذِيَهُ بِالْأَمْرِ لاَ بِشَهَادَتِهِ لِأَحَدٍ يَأْخُذُ بِهِ مِنْهُ حَقًّا فِي حَدٍّ وَلاَ @
الصفحة 510