كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
اللَّعِبُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَلاَهِي , وَلاَ نُحِبُّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ , وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ النَّرْدِ , وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالْحُزَّةِ , وَالْقَرْقِ , وَكُلُّ مَا لَعِبَ النَّاسُ بِهِ لِأَنَّ اللَّعِبَ لَيْسَ مِنْ صَنْعَةِ أَهْلِ الدِّينِ وَلاَ الْمُرُوءَةِ . وَمَنْ لَعِبَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا عَلَى الِاسْتِحْلاَلِ لَهُ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ وَالْحُزَّة تَكُونُ قِطْعَةَ خَشَبٍ فِيهَا حُفَرٌ يَلْعَبُونَ بِهَا إنْ غَفَلَ بِهِ عَنْ الصَّلَوَاتِ فَأَكْثَرَ حَتَّى تَفُوتَهُ ثُمَّ يَعُودَ لَهُ حَتَّى تَفُوتَهُ رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ بِمَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ كَمَا نَرُدُّهَا لَوْ كَانَ جَالِسًا فَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى الصَّلاَةِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ وَلاَ غَلَبَةٍ عَلَى عَقْلٍ . فَإِنْ قِيلَ فَهُوَ لاَ يَتْرُكُ الصَّلاَةَ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لِلَّعِبِ إلَّا وَهُوَ نَاسٍ ؟ قِيلَ فَلاَ يَعُودُ لِلَّعِبِ الَّذِي يُورِثُ النِّسْيَانَ , وَإِنْ عَادَ لَهُ , وَقَدْ جَرَّبَهُ يُورِثُهُ ذَلِكَ فَذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ . فَأَمَّا الْجُلُوسُ وَالنِّسْيَانُ فَمِمَّا لَمْ يَجْلِبْ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ شَيْئًا إلَّا حَدِيثَ النَّفْسِ الَّذِي لاَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ , وَلاَ يَأْثَمُ بِهِ , وَإِنْ قَبَّحَ مَا يُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَهُ , وَالنَّاسُ يَمْتَنِعُونَ مِنْ اللَّعِبِ . فَأَمَّا مُلاَعَبَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَإِجْرَاؤُهُ الْخَيْلَ , وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ , وَتَعَلُّمُهُ الرَّمْيَ , وَرَمْيُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ اللَّعِبِ , وَلاَ يُنْهَى عَنْهُ . وَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لاَ يَبْلُغَ مِنْهُ , وَلاَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ تِلاَوَةِ الْقُرْآنِ , وَلاَ نَظَرَ فِي عِلْمِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا , وَكَذَلِكَ لاَ يَتَنَفَّلُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ أَوْجَبُ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ النَّوَافِلِ .
شَهَادَةُ مَنْ يَأْخُذُ الْجُعْلَ عَلَى الْخَيْرِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْقَاسِمَ وَالْكَاتِبَ لِلْقَاضِي وَصَاحِبَ الدِّيوَانِ وَصَاحِبَ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُؤَذِّنِينَ لَمْ يَأْخُذُوا جُعْلاً , وَعَمِلُوا مُحْتَسِبِينَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ , وَإِنْ أَخَذُوا جُعْلاً لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ عِنْدِي , وَبَعْضُهُمْ أَعَذَرَ بِالْجُعْلِ مِنْ بَعْضٍ , وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَتْرُكَ الْجُعْلَ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ @
الصفحة 515