كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
الدَّيْنِ , وَالْوَصِيَّةِ أَنْفَذْنَا الْقَسْمَ بَيْنَكُمْ , وَإِنْ لَمْ تَطَّوَّعُوا , وَلَمْ نَجِدْ لِلْمَيِّتِ مَالاً إلَّا هَذِهِ الدَّارَ بِعْنَا مِنْهَا وَنَقَضْنَا الْقَسْمَ
( قَالَ ) فَإِذَا جَاءَ الْقَوْمُ فَتَصَادَقُوا عَلَى مِلْكِ دَارٍ بَيْنَهُمْ , وَسَأَلُوا الْقَاضِيَ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يَقْسِمَهَا , وَيَقُولُ إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَقْسِمُوا بَيْنَ أَنْفُسِكُمْ أَوْ يَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ فَافْعَلُوا , وَإِنْ أَرَدْتُمْ قَسْمِي فَأَثْبِتُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى أُصُولِ حُقُوقِكُمْ فِيهَا , وَذَلِكَ أَنِّي إنْ قَسَمْت بِلاَ بَيِّنَةٍ فَجِئْتُمْ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنِّي قَسَمْت بَيْنَكُمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِي كَانَ شَبِيهًا أَنْ يَجْعَلَهَا حُكْمًا مِنِّي لَكُمْ بِهَا , وَلَعَلَّهَا لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَيْسَ لَكُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَلاَ نَقْسِمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ , وَقَدْ قِيلَ يَقْسِمُ , وَيَشْهَدُ أَنَّهُ إنَّمَا قَسَمَ عَلَى إقْرَارِهِمْ , وَلاَ يُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ لِمَا وَصَفْت فَإِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ دُورًا مُتَفَرِّقَةً أَوْ دُورًا , وَرَقِيقًا أَوْ دُورًا , وَأَرَضِينَ فَاصْطَلَحَ الْوَرَثَةُ , وَهُمْ بَالِغُونَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَصِيرُ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ لَمْ أَرْدُدْهُ , وَإِنْ تَشَاحُّوا فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْسِمَ لَهُ دَارًا كَمَا هِيَ , وَيُعْطِيَ غَيْرَهُ بِقِيمَتِهَا دَارًا غَيْرَهَا بِقِيمَتِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ , وَيَقْسِمُ كُلَّ دَارٍ بَيْنَهُمْ فَيَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ , وَكَذَلِكَ الْأَرَضِينَ , وَالثِّيَابَ , وَالطَّعَامَ , وَكُلُّ مَا احْتَمَلَ أَنْ يُقْسَمَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى الْعَدْلُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ , وَفِي النَّظَرِ فِي الْحُكْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْصِفَ الْخَصْمَيْنِ فِي الْمَدْخَلِ عَلَيْهِ , وَالِاسْتِمَاعِ مِنْهُمَا , وَالْإِنْصَاتِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَنْفَدَ حُجَّتُهُ , وَحُسْنِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمَا , وَلاَ يَخُصُّ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِإِقْبَالٍ دُونَ الْآخَرِ , وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ , وَلاَ بِزِيَارَةٍ لَهُ دُونَ الْآخَرِ , وَلاَ يَنْهَرُهُ , وَلاَ يَنْهَرُ الْآخَرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَقَلِّ عَدْلِهِ عَلَيْهِمَا أَنْ يَكُفَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ عِرْضِ صَاحِبِهِ , وَأَنْ يُغِيرَ عَلَى مَنْ نَالَ مِنْ عِرْضِ صَاحِبِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَوْجِبُ@
الصفحة 530