كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
بِقَوْلِهِ لِصَاحِبِهِ , وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُلَقِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا حُجَّةً , وَلاَ بَأْسَ إذَا جَلَسَا أَنْ يَقُولَ تَكَلَّمَا أَوْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَ أَحَدُهُمَا , وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ الطَّالِبُ فَإِذَا أَنْفَدَ حُجَّتَهُ تَكَلَّمَ الْمَطْلُوبُ , وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُضَيِّفَ الْخَصْمَ إلَّا وَخَصْمُهُ مَعَهُ , وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هَدِيَّةً , وَإِنْ كَانَ يُهْدِي لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَنْفَدَ خُصُومَتُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله , وَلاَ بَأْسَ إذَا حَضَرَ الْقَاضِيَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَإِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ قَلِيلاً فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْدَأَ بِهِمْ , وَإِنْ جَعَلَ لَهُمْ يَوْمًا بِقَدْرِ مَا لاَ يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ , وَيَرْفُقُ بِالْمُسَافِرِينَ فَلاَ بَأْسَ , وَإِنْ كَثُرُوا حَتَّى يُسَاوُوا أَهْلَ الْبَلَدِ أُسًّا بِهِمْ , لِأَنَّ لِكُلِّهِمْ حَقًّا
وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ , وَيَقْدَمَ النَّاسُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ لاَ يَقْدَمُ رَجُلاً جَاءَ قَبْلَهُ غَيْرُهُ , وَإِذَا قَدِمَ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً وَخَصْمُهُ , وَكَانَ لَهُ خُصُومٌ فَأَرَادُوا أَنْ يَتَقَدَّمُوا مَعَهُ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ إلَّا مِنْهُ , وَمِنْ خَصْمٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَرَغَا أَقَامَهُ , وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ كَثِيرٌ أُخَرُ , وَيَكُونُ آخِرَ مَنْ يَدْعُو , وَلاَ يَقْضِي الْقَاضِي إلَّا بَعْدَمَا يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَقُّ بِخَبَرِ مُتَّبِعٍ لاَزِمٍ أَوْ قِيَاسٍ , فَإِنْ لَمْ يَبِنْ ذَلِكَ لَهُ لَمْ يَقْطَعْ حُكْمًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ , وَيَسْتَظْهِرَ بِرَأْيِ أَهْلِ الرَّأْيِ
( قَالَ ) وَإِذَا أَشَارُوا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِخَبَرٍ فَلَمْ يَبِنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ الْحَقُّ عِنْدَهُ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ , وَلَوْ كَانُوا فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ لِأَنَّ الْعِلْمَ لاَ يَكُونُ إلَّا مَوْجُودًا إمَّا خَبَرٌ لاَزِمٌ , وَإِمَّا قِيَاسٌ يُبَيِّنُهُ لَهُ الْمَرْءُ فَيَعْقِلُهُ فَإِذَا بَيَّنَهُ لَهُ فَلَمْ يَعْقِلْهُ فَلاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مِنْ رَجُلَيْنِ إمَّا رَجُلٌ صَحِيحُ الْعَقْلِ غَلِطَ عَلَيْهِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ تَجِدُ مَا لاَ نَجِدُ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُخْطِئٍ عِنْدَهُ , وَإِمَّا رَجُلٌ لاَ يَعْقِلُ إذَا عَقَلَ فَهَذَا لاَ@
الصفحة 531