كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي هَذَا فَزَعَمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ ادَّعَى جُرْحًا أَوْ فَقَأَ عَيْنَيْنِ أَوْ قَطَعَ يَدَيْنِ , وَمَا دُونَ النَّفْسِ أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَفَقَأَ عَيْنَيْهِ , وَقَطَعَ يَدَيْهِ , وَاقْتُصَّ مِنْهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ , وَهَكَذَا كُلُّ دَعْوَى عِنْدَهُ سَوَاءٌ , وَزَعَمَ أَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ? وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ? دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بَرِيءَ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الدَّعْوَى ثُمَّ عَادَ لِمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَقَضَهُ فِي النَّفْسِ فَقَالَ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَتْلَ النَّفْسِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ اسْتَعْظَمْت أَنْ أَقْتُلَهُ , وَحَبَسْته حَتَّى يُقِرَّ فَأَقْتُلَهُ أَوْ يَحْلِفَ فَأُبْرِئَهُ قَالَ مِثْلُ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ يَلْتَعِنُ زَوْجُهَا وَتَنْكُلُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَلاَ أَعْلَمُهُ إلَّا خَالَفَ فِي هَذَا مَا زَعَمَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ نُحِقَّهُ , وَلَمْ نُبْطِلْهُ كَانَ يَنْبَغِي إذَا فَرَّقَ بَيْنَ النَّفْسِ , وَمَا دُونَهَا مِنْ الْجِرَاحِ أَنْ يَقُولَ لاَ أَحْبِسُهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ , وَلاَ أَجْعَلُ عَلَيْهِ شَيْئًا إذَا كَانَ لاَ يَرَى النُّكُولَ حُكْمًا , وَهُوَ عَلَى الِابْتِدَاءِ لاَ يَحْبِسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَ لِلنُّكُولِ عِنْدَهُ حُكْمٌ فَقَدْ خَالَفَهُ لِأَنَّ النُّكُولَ عِنْدَهُ يَلْزَمُهُ مَا نَكَلَ عَنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلنُّكُولِ حُكْمٌ فِي النَّفْسِ فَقَدْ ظَلَمَهُ بِحَبْسِهِ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ أَحَدًا لاَ يُحْبَسُ أَبَدًا بِدَعْوَى صَاحِبِهِ , وَخَالَفَهُ صَاحِبُهُ , وَفَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَأَحْدَثَ قَوْلاً ثَانِيًا مُحَالاً كَقَوْلِ صَاحِبِهِ فَقَالَ مَا عَلَيْهِ حَبْسٌ , وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْسِلَ , وَاسْتَعْظَمَ الدَّمَ , وَلَكِنْ أَجْعَلُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دِيَةً فِي الْعَمْدِ , وَهُوَ لاَ يَجْعَلُ فِي الْعَمْدِ دِيَةً أَبَدًا , وَخَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَنَّهُ يُخَيِّرُ وَلِيَّ الدَّمِ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ ثُمَّ يَقُولُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا فَأَخَذَ لِوَلِيِّ الدَّمِ مَا لاَ يَدَّعِي , وَأَخَذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا لاَ يُقِرُّ بِهِ , وَأَحْدَثَ لَهُمَا مِنْ نَفْسِهِ حُكْمًا مُحَالاً لاَ خَبَرًا , وَلاَ قِيَاسًا , وَإِذَا كَانَ يَأْخُذُ دِمَاءَ النَّاسِ فِي مَوْضِعٍ بِشَاهِدَيْنِ حَتَّى يَقْتُلَ النَّفْسَ , وَأَكْثَرُ مَا نَأْخُذُ بِهِ مُوضِحَةٌ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ إقْرَارٍ فَمَا فَرَّقَ@
الصفحة 564