كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

شَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : ? مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ ? , وَلاَ رِضًا فِي أَحَدٍ خَالَفَ الْإِسْلاَمَ , وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ? وَأُشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ? وَمِنَّا الْمُسْلِمُونَ , وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ خَالَفَ الْإِسْلاَمَ , وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِالنَّصْرَانِيَّةِ فَمَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ , وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ فَادَّعَى النَّصْرَانِيُّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا , وَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنْ لاَ وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرُهُمَا , وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَى إسْلاَمِهِ وَلاَ كُفْرِهِ غَيْرُ الْكُفْرِ الْأَوَّلِ فَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ , وَمِيرَاثُهُ لِلنَّصْرَانِيِّ حَتَّى يُعْلَمَ لَهُ إسْلاَمٌ , وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ , وَأَقَامَ النَّصْرَانِيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَبَاهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا , وَالْمُسْلِمُ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَالْمِيرَاثُ لِلنَّصْرَانِيِّ الَّذِي شَهِدَ لَهُ الْمُسْلِمَانِ , وَلاَ شَهَادَةَ لِلنَّصْرَانِيَّيْنِ , وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ جَمِيعًا مُسْلِمِينَ صَلَّى عَلَيْهِ , وَمَنْ أَبْطَلَ الْبَيِّنَةَ إذَا كَانَتْ لاَ تَكُونُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَ بَعْضُهَا بَعْضًا جَعَلَ الْمِيرَاثَ لِلنَّصْرَانِيِّ , وَأَقَرَّهُ عَلَى الْأَصْلِ , وَمَنْ رَأَى أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا أُقْرِعَ , وَرَجَعَ الْمِيرَاثُ لِلَّذِي خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ , وَمَنْ رَأَى أَنْ يُقْسَمَ الشَّيْءُ إذَا تَكَافَّتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي هَذَا شَنَاعَةٌ وَقِسْمَةٌ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا الصَّلاَةُ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ إنَّمَا نُصَلِّي عَلَيْهِ بِالْإِشْكَالِ عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ كَمَا نُصَلِّي عَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَطَ بِالْمُسْلِمِينَ مَوْتَى , وَلَمْ يُعْرَفْ عَلَى نِيَّةِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ قَالَ الرَّبِيعُ , وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الشُّهُودَ إنْ كَانُوا جَمِيعًا مُسْلِمِينَ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا , وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا , وَلَمْ نَعْلَمْ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ أَصْلَ دِينِهِ فَإِنَّ الْمِيرَاثَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا فِيهِ لِأَنَّهُمَا يُقِرَّانِ أَنَّ الْمَالَ كَانَ لِأَبِيهِمَا وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ , وَالْآخَرُ كَافِرٌ فَمَتَى قَسَمْنَاهُ بَيْنَهُمَا كُنَّا قَدْ وَرَّثْنَا كَافِرًا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمًا مِنْ كَافِرٍ فَلَمَّا أَحَاطَ الْعِلْمَ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لاَ يَكُونُ إلَّا لِوَاحِدٍ , وَلاَ يُعْرَفُ الْوَاحِدُ وَقَفْنَاهُ أَبَدًا حَتَّى يَصْطَلِحَا فِيهِ , وَهَذَا الْقَوْلُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .@

الصفحة 574