كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
نَعَمْ قُلْنَا فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِبَرَاءَةِ مَنْ حَقٍّ دَفَعَهُ أَوْ بَطَلَ عَنْهُ بِغَيْرِ وَجْهِ الدَّفْعِ أَتَقْبَلُهَا مِنْهُ ؟ قَالَ نَعَمْ , وَأَجْعَلُهُ حِينَئِذٍ مُدَّعِيًا قُلْنَا فَهُوَ إذًا قَدْ يَكُونُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مُدَّعِيًا مُدَّعًى عَلَيْهِ , وَلَيْسَ هُوَ هَكَذَا زَعَمْت
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا تَدَاعَى الرَّجُلاَنِ الشَّيْءَ , وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَأَقَامَا مَعًا عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ مِمَّا يُقْضَى بِمِثْلِهِ مِثْلَ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدَيْنِ فَأَقَامَ الْآخَرُ عَشَرَةً وَأَكْثَرَ فَسَوَاءٌ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِهَؤُلاَءِ كَمَا نَقْطَعُ بِهَؤُلاَءِ , وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْضُهُمْ أَرْجَحَ مِنْ بَعْضٍ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِالْأَدْنَيَيْنِ إذَا كَانُوا عُدُولاً مِثْلَ مَا يُقْطَعُ بِالْأَعْلَيَيْنِ أَلاَ تَرَى أَنَّا لاَ نُنْقِصُ صَاحِبَ الْأَدْنَيَيْنِ لَوْ أَقَامَهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ عَمَّا يُعْطَى صَاحِبُ الْأَعْلَيَيْنِ لَوْ أَقَامَهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ ؟ فَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ بِهِمْ وَاحِدًا فَسَبَبُهُمَا مِنْ جِهَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ مُسْتَوٍ , وَقَالَ فِي الْإِبِلِ , وَالْبَقَرِ , وَجَمِيعِ الدَّوَابِّ الضَّوَارِي الْمُفْسِدَةِ لِلزَّرْعِ أَنَّهُ لاَ حَدَّ , وَلاَ نَفْيَ عَلَى بَهِيمَةٍ , وَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي أَنَّهُ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا , وَقَضَى عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ بِحِفْظِهَا بِالنَّهَارِ , وَقَضَاؤُهُ عَلَيْهِمْ بِالْحِفْظِ لِأَمْوَالِهِمْ بِالنَّهَارِ إبْطَالٌ لِمَا أَصَابَتْ فِي النَّهَارِ , وَتَغْرِيمٌ لِمَا أَصَابَتْ فِي اللَّيْلِ , وَفِي هَذَا دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهَا لاَ تُبَاعُ عَلَى أَهْلِهَا , وَلاَ تُنْفَى مِنْ بَلَدِهَا , وَلاَ تُعْقَرُ , وَلاَ يُعْدَى بِهَا مَا قَضَى بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -@
الصفحة 584