كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَلَوْ وَجَبَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ قِصَاصٌ فِي قَطْعِ يَدٍ أَوْ جُرْحِ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسٍ هُوَ وَلِيُّهَا فَقَالَ الَّذِي لَهُ الْقِصَاصُ قَدْ صَالَحْتُك مِمَّا لِي عَلَيْك مِنْ الْقِصَاصِ عَلَى أَرْشِهِ , وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَا صَالَحْتُك وَالْقِصَاصُ لَك فَإِنْ شِئْت فَخُذْهُ , وَإِنْ شِئْت فَدَعْهُ , قُلْنَا لِلْمُدَّعِي الصُّلْحَ أَنْتَ فِي أَصْلِ مَا كَانَ لَك كُنْت غَنِيًّا عَنْ الصُّلْحِ لِأَنَّ أَصْلَ مَا وَجَبَ لَك الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ تَقْتَصَّ وَبَيْنَ أَنْ تَأْخُذَ الْأَرْشَ مَكَانَك حَالاً فِي مَالِ الْجَانِي , وَتَدَعَ الْقِصَاصَ فَلاَ يَبْطُلُ ذَلِكَ لَك بِقَوْلِك صَالَحْتُك , وَلَكِنْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ الْقِصَاصُ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْقِصَاصُ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لاَ أَبْطَلَ الْقِصَاصُ عَنْ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ فِيهِ إذْ قَالَ قَدْ عَفَوْته عَلَى مَالٍ , وَأَنْكَرَ الَّذِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ الْمَالَ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ , وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشَّيْءِ فِي يَدَيْ الرَّجُلِ فَسَأَلَ الْمُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الْحَاكِمَ أَنْ يُحَلِّفَهُ لَهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إحْلاَفُهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ إذَا كَانَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا , فَإِنْ قَالَ قَدْ عَلِمَ غَيْرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ مِنْ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ إلَى مَنْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ قَدْ أَخْرَجَهُ إلَى مَنْ أَخْرَجَهُ إلَيَّ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَى غَيْرُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَكُونُ صَادِقَةً بِأَنَّهُ لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ , وَيُخْرِجُهُ هُوَ بِلاَ عِلْمِ الْبَيِّنَةِ فَتَكُونُ هَذِهِ يَمِينًا مِنْ غَيْرِ جِهَةٍ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُهُ مَاتَ , وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا , وَوَرِثَهُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ لاَ وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ , وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّيَا فَيَقُولاَنِ لاَ نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ . وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِمَا , وَيَدَّعِي وَارِثًا بِغَيْرِ عِلْمِهِمَا غَيْرَ مَنْ سَمَّيَا فَإِنَّمَا أَجَزْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الْبَتِّ , وَقَدْ يُمْكِنُ خِلاَفُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الْبَتَّ فِيهَا هُوَ الْعِلْمُ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يُعْلَمُ هَذَا شَاهِدٌ أَبَدًا , وَلاَ يَنْبَغِي فِي هَذَا غَيْرُ هَذَا , وَإِلَّا تَعَطَّلَتْ الشَّهَادَاتُ أَلاَ تَرَى أَنِّي قَبِلْت قَوْلَ@

الصفحة 590