كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

يَحْتَجَّ عَلَى مَنْ احْتَجَّ بِهَذَا احْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ قَدْ نَقَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِمْ الْمِلْكَ فَكُلُّ صَادِقٍ لَيْسَ مِنْهُمْ كَاذِبٌ بِحَالٍ . وَالْمَشْهُودُ لَهُ بِخِلاَفِ مَا شَهِدَ بِهِ لِصَاحِبِهِ يُحِيطُ الْعِلْمَ بِأَنَّ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ كَاذِبَةٌ , وَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِ الْمُسْتَحِقِّ بِالشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمُسْتَحَقِّينَ بِهَا مُحِقًّا , وَالْآخَرُ مُبْطِلاً فَإِذَا خَرَجَ النِّصْفُ إلَى أَحَدِهِمَا أَحَاطَ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ قَدْ أَعْطَى نِصْفًا مَنْ لاَ شَيْءَ لَهُ , وَمَنَعَ نِصْفًا مَنْ كَانَ لَهُ الْكُلُّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنْ عَمَدَ أَنْ أَعْطَى أَحَدَهُمَا مَا لَيْسَ لَهُ , وَنَقَصَ أَحَدَهُمَا مِمَّا لَهُ فَإِنْ قَالَ قَدْ يَدْخُلُ عَلَيْك فِي الْقُرْعَةِ أَنْ تُعْطِيَ أَحَدَهُمَا الْكُلَّ , وَلَعَلَّهُ لَيْسَ لَهُ ؟ قِيلَ فَأَنَا لَمْ أَقْصِدْ قَصْدَ أَنْ أُعْطِيَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ إنَّمَا قَصَدْت قَصْدَ الِاجْتِهَادِ فِي أَنْ أُعْطِيَ الْحَقَّ مَنْ هُوَ لَهُ وَأَمْنَعَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ كَمَا أَقْصِدُ قَصْدَ الِاجْتِهَادِ فِيمَا أَشْكَلَ مِنْ الرَّأْيِ فَأُعْطِيَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ الْحَقَّ كُلَّهُ , وَأَمْنَعَهُ الْآخَرَ عَلَى غَيْرِ إحَاطَةٍ مِنْ الصَّوَابِ , وَيَكُونُ الْخَطَأُ عَنِّي مَرْفُوعًا فِي الِاجْتِهَادِ , وَلاَ أَكُونُ مُخْطِئًا بِالِاجْتِهَادِ , وَلاَ يَجُوزُ لِي عَمْدُ الْبَاطِلِ بِكُلِّ حَالٍ إذَا كُنْت آتِيهِ , وَأَنَا أَعْرِفُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ , وَأَنَا فِيهِ وَاقِفٌ ثُمَّ قَالَ لاَ نُعْطِي وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْئًا يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا @

الصفحة 599