كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَيْنَ جَعَلْت لَهَا الْعُقْرَ , وَالْوَاطِئُ لَمْ يَطَأْهَا عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ نِكَاحٍ ؟ قِيلَ لَوْ كُنْت لاَ أَجْعَلُ الْعُقْرَ إلَّا عَلَى وَاطِئٍ نَكَحَ نِكَاحًا صَحِيحًا أَوْ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَزِمَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنَّهُ نَاكِحٌ لِلَّتِي وَطِئَ زَعَمْت أَنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ نَكَحَا أُخْتَيْنِ فَأُخْطِئَ بِامْرَأَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ فَأَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُقْرٌ , وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُصِيبَيْنِ غَيْرُ نَاكِحٍ لِلَّتِي أَصَابَ نِكَاحًا صَحِيحًا , وَلاَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَهْرُ بِالْأَثَرِ اسْتَدْلَلْنَا بِالْأَثَرِ , وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ حَيْثُ يَكُونُ الْحَدُّ عَنْهَا سَاقِطًا بِأَنْ لاَ تَكُونَ زَانِيَةً , وَمِمَّا فِي هَذَا الْمَعْنَى الرَّجُلُ يَغْصِبُ الْمَرْأَةَ فَيُصِيبُهَا فَيَكُونُ عَلَيْهِ لَهَا الْمَهْرُ , وَمَا قُلْت هَذَا أَنَّ فِيهِ أَثَرًا عَنْ أَحَدٍ يَلْزَمُ قَوْلُهُ , وَلاَ إجْمَاعًا , وَلَكِنِّي وَجَدْت الْمَهْرَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَرْأَةِ فَلَمَّا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِهَذَا الْجِمَاعِ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ زَانِيَةٍ , وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ زَانِيًا جَعَلْت لَهَا الْمَهْرَ , وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَفَ حَالاً مِنْ الْأُولَى لِأَنَّ الْأُولَى وَالْوَاطِئَ غَيْرُ زَانِيَيْنِ , وَوَاطِئُ الْمَغْصُوبَةِ زَانٍ فَلَمَّا حَكَمْت فِي الْمُخْطَأِ بِهَا وَالْمَغْصُوبَةِ هَذَا الْحُكْمَ , وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَتْ الْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ مُسْتَوِيَتَيْنِ حَيْثُمَا وَجَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرٌ وَجَبَ لِلْأُخْرَى لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : ? وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ? لَمْ تَحِلَّ أَمَةٌ وَلاَ حُرَّةٌ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا بِصَدَاقٍ فَإِذَا كَانَتَا مُجْتَمَعَتَيْنِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ ثُمَّ جَعَلْنَا الْخَطَأَ فِي الْحُرَّةِ , وَالِاغْتِصَابَ بِصَدَاقٍ كَمَا جَعَلْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ فَكَذَلِكَ الْأَمَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُوَ قِيَاسٌ عَلَى مَا جَمَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيْنَهُ فِي الْمَهْرِ .
بَابُ دَعْوَى الْوَلَدِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : وَإِذَا تَدَاعَى الْحُرُّ وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمَانِ , وَالذِّمِّيُّ الْحُرُّ , وَالْعَبْدُ @
الصفحة 604