كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَلَوْ أَقَامَ النَّصْرَانِيُّ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ ابْنُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ , وَجَعَلْنَا دِينَهُ دَيْنَ أَبِيهِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ هَذَا عِلْمٌ مِنَّا بِأَنَّهُ مَوْلُودٌ عَلَى فِرَاشِهِ , وَأَنَّ الْتِقَاطَ مَنْ الْتَقَطَهُ إنَّمَا هُوَ كَالضَّالَّةِ الَّتِي يَجِدُهَا الرَّجُلُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَبُوهُ عَلَيْهِ بَعْدَ عَقْلِهِ الْإِسْلاَمَ وَوَصْفِهِ إيَّاهُ جَعَلْنَاهُ ابْنَهُ , وَمَنَعْنَاهُ مِنْ أَنْ يَنْصُرَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَتِمَّ عَلَى الْإِسْلاَمِ فَنُلْحِقَهُ بِالْمُسْلِمِينَ , وَنَقْطَعَ عَنْهُ حُكْمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ بَلَغَ فَامْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلاَمِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ نَقْتُلُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْ الْإِسْلاَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ , وَبَعْدَ وُجُوبِ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ لِلنَّاسِ , وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْحُقُوقِ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ أَقْتُلْهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَثْبُتَ عَلَى الرِّدَّةِ , وَلَوْ زَنَى قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ قَذَفَ لَمْ أَحُدَّهُ , وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَالْإِقْرَارُ لِلنَّاسِ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ , وَلَكِنِّي أَحْبِسُهُ وَأُخِيفُهُ رَجَاءَ رُجُوعِهِ إلَى الْإِسْلاَمِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا الْتَقَطَ الْمَنْبُوذَ , وَمَعَهُ مَالٌ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي , وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إنْ كَانَ الَّذِي الْتَقَطَهُ ثِقَةً لِمَالِهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ , وَيَأْمُرَهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ لِمَالِهِ فَلْيَدْفَعْ مَالَهُ لِغَيْرِهِ , وَيَأْمُرْ ذَلِكَ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَيَنْبَغِي لِوَالِي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَشَاءَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ , وَأَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ دَيْنًا عَلَى الْمَنْبُوذِ إذَا بَلَغَ وَثَابَ لَهُ مَالٌ فَعَلَ , وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الَّذِي الْتَقَطَهُ , وَلاَ مَالَ لَهُ , وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالنَّفَقَةِ , وَلاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغٍ , وَيُسْرٍ , وَلاَ قَبْلَهُ , وَسَوَاءً وَجَدَ الْمَالَ مَعَ اللَّقِيطِ أَوْ أَفَادَهُ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : لاَ يَجُوزُ عَلَى الْوِلاَدَةِ وَلاَ شَيْءٍ مِمَّا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مِمَّا يَغِيبُ عَنْ الرِّجَالِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عُدُولٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ أَجَازَ الشَّهَادَةَ انْتَهَى بِأَقَلِّهَا إلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَأَقَامَ الثِّنْتَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ مَقَامَ رَجُلٍ حَيْثُ أَجَازَهُمَا فَإِذَا أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا يَغِيبُ عَنْ الرِّجَالِ لَمْ يَجُزْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ@

الصفحة 612