كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

قَائِلٌ مَنْ ابْتَاعَ بَيْعًا , وَقَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَتَلِفَ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ أَمِينٌ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ , وَإِلَى أَنَّ الثَّمَنَ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِكَمَالِ الْبَيْعِ فَجَعَلَهُ فِي مَوْضِعِ الْأَمَانَةِ , وَأَخْرَجَهُ مِنْ مَوْضِعِ الضَّمَانِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ , وَيَقْبِضُهُ ثُمَّ يَتْلَفُ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ , وَقَدْ سَلَّطَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْقَبْضِ بِأَمْرٍ لاَ يُوجِبُ لَهُ الثَّمَنَ , وَمِنْ حُكْمِهِ , وَحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ ثَمَنٍ أَبَدًا فَإِذَا زَعَمَ أَنَّ مَا لاَ يَكُونُ ثَمَنًا أَبَدًا يَتَحَوَّلُ فَيَصِيرُ قِيمَةً إذَا فَاتَ مَا فِيهِ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَالْمَبِيعُ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ شِرَاءً حَلاَلاً , وَيَشْتَرِطُ خِيَارَ يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ فَيَتْلَفُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا لِأَنَّ هَذَا لَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ سَاعَةٌ أَوْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إنْفَاذَهُ نَفَذَ لِأَنَّ أَصْلَهُ حَلاَلٌ , وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ الْآبَادُ أَوْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ إنْفَاذَهُ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ قَالَ إنَّ الْبَائِعَ بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَرْضَ أَنْ يُسَلِّمَ سِلْعَتَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَدِيعَةً فَتَكُونُ أَمَانَةً , وَمَا رَضِيَ إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الثَّمَنَ فَكَذَلِكَ الْبَائِعُ عَلَى الْخِيَارِ مَا رَضِيَ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً , وَمَا رَضِيَ إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الثَّمَنَ فَكَيْفَ كَانَ فِي الْبَيْعِ الْحَرَامِ عِنْدَهُ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ إذْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَمَانَةً , وَلاَ يَكُونُ ضَامِنًا فِي الْبَيْعِ الْحَلاَلِ , وَلَمْ يَرْضَ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً , وَقَدْ رَوَى الْمَشْرِقِيُّونَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَامَ بِفَرَسٍ , وَأَخَذَهَا بِأَمْرِ صَاحِبِهَا فَشَارَ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ إلَى مَشْيِهَا فَكُسِرَتْ فَحَاكَمَ فِيهَا عُمَرُ صَاحِبَهَا إلَى رَجُلٍ@

الصفحة 615