كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)
أَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَأَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا , وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا فَرَدَّ الزَّوْجَ عَلَى مَا اسْتَحَقَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ بِالْمَسِيسِ عَلَى الْغَارِّ , وَكَانَ مَوْجُودًا فِي قَوْلِهِ إنَّهُ إنَّمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ فِي الْمَهْرِ لَزِمَهُ بِغُرُورِهِ , وَكَذَلِكَ كُلُّ غَارٍّ لَزِمَ الْمَغْرُورَ بِسَبَبِهِ غُرْمٌ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ , وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ يَعْرِفُ مِنْ الْمَرْأَةِ الْجُنُونَ أَمْ لَمْ يَعْرِفْهُ لِأَنَّ كُلًّا غَارٌّ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ ؟ قِيلَ نَعَمْ , وَعَلَى أَبِيهَا أَرَأَيْت لَوْ كَانَ تَحْتَ ثِيَابِهَا نُكْتَةُ بَرَصٍ أَمَا كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى أَبِيهَا , وَالْغَارُّ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ يَضْمَنْ لِلْمَغْرُورِ ثُمَّ بَيْنَ الْغَارِّ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ حُكْمٌ , وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى ابْنَ سَيِّدِهِ أَوْ أَبَاهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا مَلَكَهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِيمَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَمْلِكَهُ لاَ مَا لاَ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ مَالاً فَيُضَارِبُهُ فَيَشْتَرِي ابْنَهُ فَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ فِي ابْنِهِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِمَالِهِ مَا لاَ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ , وَهَذَا مَذْهَبٌ مُحْتَمَلٌ لِمَنْ قَالَهُ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ حَلاَلاً , وَأَنَّ مَا مَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ لِسَيِّدِهِ , وَإِذَا مَلَكَ السَّيِّدُ ابْنَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَالْمُضَارِبِ ؟ قِيلَ لَهُ : إنَّ فِي الشِّرَاءِ حُقُوقًا . مِنْهَا حَقٌّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي لاَ يَجُوزُ إبْطَالُهُ إذَا كَانَ بَيْعًا حَلاَلاً@
الصفحة 621