كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

فَلَمَّا كَانَ هَذَا بَيْعًا حَلاَلاً يَلْزَمُ الْعَبْدَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْزَمَ الْعَبْدَ أَبَدًا إلَّا وَالسَّيِّدُ مَالِكٌ فَيَعْتِقُ , وَالْمُضَارِبُ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ فَلاَ يَظْلِمُ الْمُشْتَرِيَ , وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ مَالِكًا لِهَذَا الْعَبْدِ , وَلَيْسَ مِلْكُ الْمُضَارِبِ لِنَفْسِهِ مِثْلَ مِلْكِ صَاحِبِ الْمَالِ , وَمِلْكُ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ مِثْلُ مِلْكِ صَاحِبِ الْمَالِ , وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ , وَبِهِ نَأْخُذُ , وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْعَبْدِ دَيْنٌ أَذِنَ لَهُ فِي مُدَايَنَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ عَلَى الْعَبْدِ مَالَهُ إلَّا بِالْقِيَامِ عَلَيْهِ , وَبَعْدَ مِلْكِ الْعَبْدِ لَهُ فَلَمَّا كَانَ تَمَامُ مِلْكِ الْعَبْدِ وَاقِعًا عَلَى ابْنِ سَيِّدِهِ , وَالْعِتْقُ مَعَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرِقَّ بِحَالٍ لِأَنَّهُ إذَا تَمَّ فِيهِ مِلْكُهُ تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ , وَلاَ يَغْرَمُ الْأَبُ شَيْئًا قَلَّ وَلاَ كَثُرَ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ إنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ نَقْصٌ مِنْ عِتْقِهِ فَاَلَّذِي دَخَلَ عَلَى الْأَبِ أَكْثَرُ مِنْهُ , وَلاَ يَكُونُ مُصَابًا بِمَالِهِ , وَغَارِمًا مِثْلَهُ , وَمَا أَتْلَفَ شَيْئًا فَيَكُونُ عَلَيْهِ مَا أَتْلَفَ , وَلاَ أَمَرَ بِشِرَائِهِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ مُنْتَزِعًا مِنْ الْعَبْدِ شَيْئًا يَكُونُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنَّمَا أَخْطَأَ فِيهِ الْعَبْدُ أَوْ تَعَدَّى فَلاَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ أَرَأَيْت لَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ جَمِيعَ مَا فِي يَدَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ بِدَرَكٍ أَوْ حَرْقِهِ أَوْ غَرَقِهِ أَيَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِشَيْءٍ ؟ , وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ فِي هَذَا فِعْلٌ , وَلاَ أَمْرٌ إنَّمَا يَغْرَمُ النَّاسُ بِفِعْلِهِمْ , وَأَمْرِهِمْ فَأَمَّا بِغَيْرِ فِعْلِهِمْ , وَلاَ أَمْرِهِمْ فَلاَ يَغْرَمُونَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ مِنْ الدِّيَاتِ , وَمَا جَاءَ فِيهِ خَبَرٌ , وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فَاشْتَرَى ابْنَ مَوْلاَهُ فَلَيْسَ ثَمَّ شِرَاءٌ , وَلاَ يَمْلِكُهُ فَيَعْتِقُ بِالْمِلْكِ , وَهُوَ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ الْأَوَّلِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا ادَّعَى الْأَعَاجِمُ بِوِلاَدِ الشِّرْكِ أُخُوَّةً بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَإِنْ كَانُوا جَاءُونَا مُسْلِمِينَ لاَ وَلاَءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمْ بِعِتْقٍ قَبِلْنَا دَعْوَاهُمْ كَمَا قَبِلْنَا دَعْوَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا , وَإِنْ كَانُوا مَسْبِيِّينَ أَوْ عَلَيْهِمْ رِقٌّ أُعْتِقُوا فَثَبَتَ عَلَيْهِمْ وَلاَءٌ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى وِلاَدٍ أَوْ دَعْوَى مَعْرُوفَةٍ كَانَتْ@

الصفحة 622