كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِحَقٍّ فَأَتَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ أَقَرَّ بِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ عَلَى فُلاَنٍ بَاطِلٌ أُحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ , وَأُبْرِئَ مِمَّا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ . وَهَذَا مِثْلُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَالٍ فَيَأْتِيَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ فَيَشْهَدَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ , وَيَبْرَأَ مِمَّا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ
( قَالَ ) وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ شَاهِدًا فِي حَيَاتِهِ أَنَّ لَهُ حَقًّا عَلَى فُلاَنٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ . ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ . أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا فَأَقَامَ وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ شَاهِدًا بِأَنَّ لَهُ عَلَى فُلاَنٍ حَقًّا فَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي كُلِّ مَا مَلَكُوا عَنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَقَلَ مِلْكَ الْمَوْتَى بِالْمَوَارِيثِ إلَى الْأَحْيَاءِ فَجَعَلَهُمْ يَمْلِكُونَ مَا كَانَ لِلْأَحْيَاءِ يَمْلِكُونَ مَا مَلَّكَهُمْ بِقَدْرِ مَا فُرِضَ لَهُمْ فَهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ مَنْ وَرِثُوهُ بِقَدْرِ مَا وَرِثُوا ( قَالَ ) فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَقُولَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْوَارِثُ , وَهُوَ لاَ يَدْرِي أَشَهِدَ شَاهِدُهُ بِحَقٍّ فَيَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ يَكُونُ بِالْعِيَانِ وَالسَّمَاعِ وَالرُّؤْيَةِ فَإِذَا سَمِعَ مِمَّنْ يُصَدَّقُ أَنَّ لِأَبِيهِ حَقًّا عَلَى فُلاَنٍ أَوْ عَلِمَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْعِلْمِ كَانَ ذَلِكَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ , وَكَانَ كَأَبِيهِ لَوْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى حَقٍّ كَانَ عَنْهُ غَائِبًا أَوْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ لَهُ دَابَّةً غَائِبَةً أَوْ عَبْدًا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ , وَأَخَذَ حَقَّهُ , وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى مَا عَايَنَ أَوْ سَمِعَ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ ضَاقَ هَذَا عَلَيْهِ ( قَالَ ) وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْحَقِّ الْغَائِبِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ حَقٌّ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْعِلْمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْخَبَرِ ( قَالَ ) وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ شُهِدَ لَهُ بِحَقٍّ بِأَنَّ فُلاَنًا أَقَرَّ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ , وَلَوْ ضَاقَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا عَلَى مَا عَايَنَ ضَاقَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْحَقَّ بِشَاهِدٍ إلَّا فِيمَا عَايَنَ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ وَرَّثَهُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ ضَاقَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَايِنْ أَبَاهُ وَمَا تَرَكَ وَلاَ عَدَّدَ وَرَثَتَهُ , وَلاَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ وَصَايَا , وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَالِغًا , وَمَاتَ أَبُوهُ غَائِبًا فَشَهِدَ @

الصفحة 633