كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)

ادَّعَى عَلَيْهِ أَيَبْرَأُ ؟ قَالَ نَعَمْ , قُلْت : فَإِنْ حَلَفَ وَلاَ بَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَيَبْرَأُ ؟ قَالَ نَعَمْ , قُلْت : أَفَتَقُومُ يَمِينُهُ بِبَرَاءَتِهِ مِمَّا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَقَامَ شَاهِدَيْنِ ؟ قَالَ نَعَمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , قُلْت : أَفَيَمِينُهُ شَاهِدَانِ ؟ قَالَ لاَ وَهُمَا إنْ اجْتَمَعَا فِي مَعْنَى فَقَدْ يَفْتَرِقَانِ فِي غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ , فَأَبْرَأْته , ثُمَّ جَاءَ طَالِبُ الْحَقِّ بِشَاهِدَيْنِ أَبْطَلْت يَمِينَهُ وَأَخَذْت لِصَاحِبِ الْحَقِّ حَقَّهُ بِشَهَادَتِهِ , قُلْنَا فَهَكَذَا قُلْنَا فِي الْيَمِينِ وَإِنْ أَعْطَيْنَا بِهَا كَمَا أَعْطَيْنَا بِشَاهِدٍ فَلَيْسَتْ كَالشَّاهِدِ فِي كُلِّ أَمْرِهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَقُلْت لَهُ : أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي زَمَانٍ أَهْلُهُ أَهْلُ عَدْلٍ وَإِسْلاَمٍ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ لَيْسُوا كَذَلِكَ وَلاَ أُحَلِّفُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُشْرِكٍ وَلاَ مُسْلِمٍ غَيْرِ عَدْلٍ , قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ , وَإِذَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَهُوَ عَامٌّ , قُلْنَا , وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لَمَّا قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَالِبِ الْحَقِّ كَانَ الْحُرُّ الْعَدْلُ وَغَيْرُهُ سَوَاءً فِيهَا , وَالْعَبْدُ , وَالْكَافِرُ كَمَا يَكُونُونَ سَوَاءً فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ لَوْ كَانَ يَعْرِفُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ يَحْلِفُ فَيُبَرَّأُ , وَالْكَافِرُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَحْلِفَانِ وَيَأْخُذَانِ , وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت أَهْلَ مَحَلَّةٍ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قَتِيلٌ , فَأَقَامَ وَلِيُّهُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ خَطَأً ؟ قَالَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ , قُلْت : فَلَوْ لَمْ يُقِمْ شَاهِدَيْنِ أَتُحَلِّفُهُمْ وَتُعْطِيهِمْ الدِّيَةَ ؟ قَالَ نَعَمْ كَمَا نُعْطِيهِمْ إذَا أَتَى بِشَاهِدَيْنِ , قُلْت : فَأَيْمَانُهُمْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدَانِ كَشَاهِدَيْنِ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِمْ بِقَتْلِهِ فَقَالَ لاَ , فَقُلْت لَهُ وَلِمَ , وَقَدْ أَعْطَيْت بِهَا كَمَا أَعْطَيْت بِالشَّاهِدَيْنِ ؟ قَالَ إنَّمَا أُعْطِيت بِالْأَثَرِ , قُلْت : وَلاَ يَلْزَمُك هَا هُنَا حُجَّةٌ ؟ قَالَ لاَ , قُلْنَا فَنَحْنُ أَعْطَيْنَا بِالسُّنَّةِ الَّتِي هِيَ أَوْلَى مِنْ الْأَثَرِ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْحُجَّةَ لَزِمَتْنَا ؟@

الصفحة 26