كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)
الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعِينَ وَهَذَانِ جَمِيعًا يُخَالِفَانِ مَا رَوَيْتُمْ عَنْهُ وَقُلْت لَهُ إذْ زَعَمْت أَنَّ الْكِتَابَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لاَ يُقْبَلَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَدُلُّ عَلَى أَنْ لاَ يُعْطَى أَحَدٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ مَا وَلَدْت هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَإِنَّمَا استعرتيه لِيَلْحَقَ بِي نَسَبُهُ ؟ قَالَ إنْ جَاءَتْ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ أَلْحَقْته بِهِ إلَّا أَنْ يُلاَعِنَهَا قُلْت : وَكَذَلِكَ عُيُوبُ النِّسَاءِ , وَالْوِلاَدِ تُجِيزُ فِيهِ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَعَمَّنْ رَوَيْت هَذَا الْقَوْلَ ؟ قَالَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله تعالى عنه بَعْضُهُ ; قُلْت أَفْيَدُ لَك هَذَا عَلَى أَنَّ مَا زَعَمْت مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لاَ يُقْبَلَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَالسُّنَّةُ لَيْسَ كَمَا ادَّعَيْت ؟ قَالَ نَعَمْ , وَقَدْ أَعْطَيْتُك هَذَا قَبْلَ هَذَا فِي الْقَسَامَةِ وَلَكِنْ فِي هَذَا عِلَّةٌ أُخْرَى قُلْت وَمَا هِيَ ؟ قَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا وَضَعَ حُدُودَهُ عَلَى مَا يَحِلُّ فَلَوْ أَنَّ شَاهِدَيْنِ عَمَدَا أَنْ يَنْظُرَا إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ تَلِدُ لِيَشْهَدَا لَهَا بِذَلِكَ كَانَا بِذَلِكَ فَاسِقَيْنِ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا . قُلْت فَهَلْ فِي الْقُرْآنِ اسْتِثْنَاءٌ إلَّا مَا لاَ يَرَاهُ الرِّجَالُ قَالَ لاَ قُلْت فَقَدْ خَالَفْت فِي أَصْلِ قَوْلِك الْقُرْآنَ , قُلْت أَفَرَأَيْت شُهُودَ الزِّنَا إذَا كَانُوا يُدِيمُونَ النَّظَرَ وَيَرْصُدُونَ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ يَزْنِيَانِ حَتَّى يُثْبِتُوا ذَلِكَ يَدْخُلُ مِنْهُ دُخُولَ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَيَرَوْنَ الْفَرْجَ وَالدُّبُرَ , وَالْفَخِذَيْنِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ بَدَنِهِمَا إلَى مَا لاَ يَحِلُّ لَهُمْ نَظَرُهُ أَمْ إلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَالَ , بَلْ إلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ . قُلْت فَكَيْفَ أَجَزْت شَهَادَتَهُمْ ؟ قَالَ أَجَازَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه قُلْت فَإِنْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ نَظَرَ إلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا نَظَرَ لِيَشْهَدَ لاَ لِيَفْسُقَ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّك تَرُدُّ شَهَادَةَ مَنْ نَظَرَ إلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِيَشْهَدَ وَفَسَّقْته قَالَ مَا أَرُدُّهَا . قُلْت : قَدْ زَعَمْت ذَلِكَ أَوَّلاً فَانْظُرْ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ صَالِحَةٌ عِنْدَ فَاسِقٍ فَقَالَتْ هُوَ يُنْكِرُ وَلَدِي فَيُقَلِّدُنِي وَوَلَدِي عَارًا وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لاَ يُجِيزَانِ أَقَلَّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَأَجْلِسْ شَاهِدَيْنِ , أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ مِنْ خَلْفِ الْبَابِ وَالنِّسَاءُ مَعِي فَإِذَا خَرَجَ رَأْسُ وَلَدِي كَشَفْنَنِي@
الصفحة 33