كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)
لِيَرَوْا خُرُوجَهُ مِنِّي فَيَلْحَقُ بِأَبِيهِ فَهَذَا نَظَرٌ لِنُثْبِتَ بِهِ شَهَادَةً لِي وَلِلْمَوْلُودِ وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ وَأَنْتَ تُشَدِّدُ فِي حُقُوقِ النَّاسِ وَلَيْسَ هَذَا بِنَظَرٍ يَتَلَذَّذُ بِهِ الشَّاهِدَانِ , بَلْ هُوَ نَظَرٌ يَقْذُرَانِهِ وَنَظَرُ شُهُودِ الزِّنَا يَجْمَعُ أَمْرَيْنِ أَنَّهُ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِمَا إلَى وِلاَدَتِي وَأَعَمُّ لِعَامَّةِ الْبَدَنِ وَأَنَّهُ نَظَرُ لَذَّةٍ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ وَيَدْعُو إلَيْهَا , فَأَجِزْ هَؤُلاَءِ كَمَا أَجَزْت شَهَادَةَ شُهُودِ الزِّنَا وَارْدُدْ شَهَادَةَ شُهُودِ الزِّنَا فَهُمْ أَوْلَى أَنْ يُرَدُّوا إذَا كَانَ ذَلِكَ يَجُوزُ لِقَوْلِك إنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَهُوَ بِذَلِكَ فَاسِقٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ حَدًّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتَ تَدْرَأُ حَدَّ اللَّهِ بِالشُّبُهَاتِ وَتَأْمُرُ بِالسِّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , قَالَ لاَ أَرُدُّ هَؤُلاَءِ لَوْ شَهِدُوا وَلاَ أُكَلِّفُك هَذَا . قُلْت فَقَدْ خَالَفْت مَا قُلْت أَوَّلاً مِنْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ , أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَمِمَّا ادَّعَيْت فِي السُّنَّةِ وَمَا احْتَجَجْت بِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَشْهَدُوا فِيهِ , وَقُلْت أَرَأَيْت اسْتِهْلاَلَ الْمَوْلُودِ , لَمْ تُقْبَلْ عَلَيْهِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَالرِّجَالُ يَرَوْنَهُ قَالَ قَبِلْتهَا عَلَى مَا قُلْت أَوَّلاً قُلْت : أَفَلاَ تَدَعُ ذَلِكَ بِمَا ادَّعَيْت فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؟ قَالَ لاَ يُخَالِفُ الْكِتَابَ . قُلْت فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِهَذَا وَبِالْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي الْمَحَلَّةِ خَاصٌّ ؟ قَالَ نَعَمْ : قُلْت لاَ تَحْتَجَّ بِأَنَّهُ عَامٌّ مَرَّةً وَتَقُولُ أُخْرَى هُوَ خَاصٌّ وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت الرَّجُلَ , وَالْمَرْأَةَ يَتَدَاعَيَانِ مَتَاعَ الْبَيْتِ لِمَ لَمْ تَحْكُمْ فِيهِ بِأَنْ تَجْعَلَهُ لِلَّذِي لَهُ الْبَيْتُ , أَوْ لِلْمَرْأَةِ ; لِأَنَّهَا أَلْزَمُ لِلْبَيْتِ وَتَجْعَلُ الزَّوْجَ مُدَّعِيًا , أَوْ الْمَرْأَةَ وَتُكَلِّفُ أَيَّهمَا جَعَلْت مُدَّعِيًا الْبَيِّنَةَ , أَوْ تَجْعَلُهُ فِي أَيْدِيهِمَا فَتُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمَا وَبِهَذَا نَقُولُ نَحْنُ فَنُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمَا وَأَنْتَ تُخَالِفُ هَذَا فَتُعْطِيهَا عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلاَ مَعْنَى لِكَيْنُونَةِ الشَّيْءِ فِي أَيْدِيهِمَا فَتَجْعَلُ مَتَاعَ الرِّجَالِ لِلرِّجَالِ وَمَتَاعَ النِّسَاءِ لِلنِّسَاءِ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا مَعًا بَيْنَهُمَا , وَقَدْ يَمْلِكُ الرَّجُلُ مَتَاعَ النِّسَاءِ , وَالْمَرْأَةُ مَتَاعَ الرِّجَالِ , أَوْ أَوَرَأَيْت الرَّجُلَيْنِ يَتَدَاعَيَانِ الْجِدَارَ@
الصفحة 34