كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)

لَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ فِيمَا ادَّعَيْتُمْ فِي الْآيَتَيْنِ إلَّا إجَازَةُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كُنْتُمْ مَحْجُوجِينَ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَتَأَوَّلُوا عَلَى أَحَدٍ مَا قُلْتُمْ ; لِأَنَّكُمْ خَالَفْتُمُوهُ وَكُنْتُمْ أَوْلَى بِخِلاَفِ ظَاهِرِ مَا تَأَوَّلْتُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ. قَالَ فَإِنَّمَا أَجَزْنَا شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِآيَةٍ أُخْرَى , قُلْنَا وَمَا هِيَ؟ قَالَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ , أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ? فَقُلْت لَهُ: أَنَاسِخَةٌ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَك لِ: ? شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ? , أَوْ مَنْسُوخَةٌ بِهَا؟ قَالَ لَيْسَتْ بِنَاسِخَةٍ وَلاَ مَنْسُوخَةٍ , وَلَكِنْ كُلٌّ فِيمَا نَزَلَ فِيهِ: قُلْت فَقَوْلُك إذًا لاَ يَجُوزُ إلَّا الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ لَيْسَ كَمَا قُلْت , قَالَ فَأَنْتَ تَقُولُ بِهَذَا؟ قُلْت: لَسْت أَقُولُ بِهِ , بَلْ سَمِعْت مَنْ أَرْضَى يَقُولُ فِيهِ غَيْرَ مَا قُلْت , قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ هِيَ فِي الْمُشْرِكِينَ فَقُلْت فَقُلْ هِيَ فِي جَمَاعَةِ الْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَغَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ كُلَّهُمْ مُشْرِكٌ وَأُجِزْ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ , قَالَ: لاَ قُلْت , فَمَنْ قَالَ هِيَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً. أَرَأَيْت إنْ قَالَ قَائِلٌ أُجِيزَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَمْ يُبَدِّلُوا كِتَابًا إنَّمَا وَجَدُوا آبَاءَهُمْ عَلَى ضَلاَلٍ فَتَبِعُوهُمْ وَأَهْلُ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَتَبُوا الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَقَالُوا هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَلَمَّا بَانَ لَنَا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ عَمَدُوا الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ لَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُمْ جَائِزَةً , فَأَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ كَذَبَةٌ وَإِذْ كُنَّا نُبْطِلُ الشَّهَادَةَ بِالْكَذِبِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ كَانُوا هُمْ أَوْلَى فَإِذَا تَقُولُ لَهُ مَا أَعْلَمُهُ إلَّا أَحْسَنَ مَذْهَبًا وَأَقْوَى حُجَّةً مِنْك , قُلْت لَهُ أَفَتُجِيزُ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى وَصِيَّةِ مُسْلِمً الْيَوْم كَمَا زَعَمْت أَنَّهَا فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لاَ قُلْت وَلِمَ قَالَ هِيَ مَنْسُوخَةٌ قُلْت بِمَاذَا قَالَ بِقَوْلِهِ: ? ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ? قُلْت وَمَا نُسِخَ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَعُمِلَ بِاَلَّذِي نَسَخَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَقَدْ زَعَمْت بِلِسَانِك أَنَّك خَالَفْت الْقُرْآنَ إذْ زَعَمْت أَنَّ اللَّهَ شَرَطَ الا@

الصفحة 38