كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)
إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَوَارِيثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ فَلَمْ تَخْتَلِفْ النَّاسُ فِي أَنَّ الْمَوَارِيثَ لاَ تَكُونُ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ كُلِّهِ أَفَرَأَيْت إنْ قَالَ لَنَا وَلَك قَائِلٌ الْوَصِيَّةُ مَذْكُورَةٌ مَعَ الدَّيْنِ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْمِيرَاثَ يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَنْفُذَ شَيْءٌ مِنْ جَمِيعِ الْوَصِيَّةِ وَاقْتَصَرْت بِهَا عَلَى الثُّلُثِ هَلْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً بِغَيْرِ تَوْقِيتٍ فَإِنَّ اسْمَ الْوَصِيَّةِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ , وَالْكَثِيرِ فَلَمَّا احْتَمَلَتْ الْآيَةُ أَنْ يَكُونَ يُرَادُ بِهَا خَاصٌّ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُهَا عَامًّا اسْتَدْلَلْنَا عَلَى مَا أُرِيدَ بِالْوَصِيَّةِ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُبَيَّنِ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ مَا لَهُ جَوَابٌ إلَّا هَذَا قُلْت : فَإِنْ قَالَ لَنَا وَلَك قَائِلٌ مَا الْخَبَرُ الَّذِي دَلَّ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ : : ? قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِسَعْدٍ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ? قُلْنَا فَإِنْ قَالَ لَك هَذِهِ مَشُورَةٌ لَيْسَتْ بِحُكْمٍ وَلاَ أَمَرَ أَنْ لاَ يَتَعَدَّى الثُّلُثَ , وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْخُمُسُ أَحَبُّ إلَيَّ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لاَ تَعْدُو الْخُمُسَ مَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : ? أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ عِنْدَ الْمَوْتِ , فَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمْ , فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً ? قُلْنَا فَقَالَ لَك فَدَلَّك هَذَا عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ وَصِيَّةٌ وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَرْجُوعَةٌ إلَى الثُّلُثِ قَالَ نَعَمْ أَبْيَنُ الدَّلاَلَةِ قُلْنَا فَقَالَ لَك أَفَثَابِتٌ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى دَلَّك عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى خَاصٍّ ؟ قَالَ نَعَمْ : قُلْنَا فَقَالَ لَك نُوهِيه بِأَنَّ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ كَمَخْرَجِ الدَّيْنِ , وَقَدْ قُلْت فِي الدَّيْنِ عَامٌّ , قَالَ لاَ وَالسُّنَّةُ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْكِتَابِ@
الصفحة 44