كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)

كُلِّ أَمْرِهِ , أَوْ فِي بَعْضِهِ وَالزَّوْجُ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُهَا مِلْكَ الْمَالِ فَهُمَا خَارِجَانِ مِنْ مَعْنَى مَنْ حَكَمَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا حَكَمَ بِهَا لِمَنْ يَمْلِكُ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ مِلْكًا يَكُونُ لَهُ فِيهِ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ , أَوْ سُلْطَانُ رِقٍّ , أَوْ مِلْكٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِمَّا قَدْ مَلَكَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَمِمَّا يَمْلِكُ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَكَذَا الزَّوْجُ , وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَيْهَا سُلْطَانُ إبَاحَةِ شَيْءٍ كَانَ مُحَرَّمًا قَبْلَ النِّكَاحِ , وَلَوْ أَقَامَ عَبْدٌ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ , أَوْ كَاتَبَهُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ مَا كَانَ سَيِّدُهُ مَالِكَهُ ; لِأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ وَلاَ يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِإِنْسَانٍ عَلَى غَيْرِهِ , فَأَمَّا عَلَى نَفْسِهِ فَلاَ فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فِي نَفْسِهِ مِثْلَ الْعَبْدِ يُعْتَقُ , وَالْمَرْأَةِ تَطْلُقُ , وَالْحَدِّ يَثْبُتُ , أَوْ يَبْطُلُ فَهَذَا كُلُّهُ لاَ يَجُوزُ فِيهِ يَمِينٌ مَعَ الشَّاهِدِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ الْحَالِفُ مَعَ شَاهِدِهِ شَيْئًا كَانَ بِيَدِهِ غَيْرُهُ مِمَّا قَدْ يُمْلَكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَاَلَّذِي قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذَلِكَ مَالٌ , وَالْمَالُ غَيْرُ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَغَيْرُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ , بَلْ هُوَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْآخَرِ فَالْعَبْدُ الَّذِي يَطْلُبُ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالْيَمِينِ عَلَى عِتْقِهِ كَانَ إنَّمَا يُقْضَى لَهُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ لاَ يَمْلِكُهَا وَنَفْسُهُ لَيْسَتْ كَغَيْرِهِ فَكَانَ هَذَا خَارِجًا مِنْ مَعْنَى مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَلَوْ أَتَى رَجُلٌ بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ أَنَّ رَجُلاً أَشْهَدَهُ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلاَنٍ حَقًّا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدٍ آخَرَ فَإِنْ قَالَ أَحْلِفُ لَقَدْ شَهِدَ لِي لَمْ يُحَلَّفْ ; لِأَنَّ حَلِفَهُ عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ لَهُ لَيْسَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى أَنْ يُثْبِتَ شَهَادَةَ شَاهِدِهِ وَلَيْسَ الْيَمِينُ عَلَى هَذَا بِالْيَمِينِ عَلَى الْمَالِ بِمِلْكٍ .
وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدًا أَنَّ فُلاَنًا , أَوْصَى إلَيْهِ , أَوْ أَنَّ فُلاَنًا وَكَّلَهُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ بِالْوَصِيَّةِ وَلاَ بِالْوَكَالَةِ شَيْئًا وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ فُلاَنًا , أَوْدَعَهُ دَارِهِ , أَوْ أَرْضَهُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ , وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّ فُلاَنًا قَذَفَهُ@

الصفحة 6