كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)

بِالزِّنَا لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ بِالْحَدِّ شَيْئًا إنَّمَا الْحَدُّ أَلَمٌ عَلَى الْمَحْدُودِ لاَ شَيْءَ يَمْلِكُهُ الْمَشْهُودُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ , وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ جَرَحَهُ جِرَاحَةً عَمْدًا فِي مِثْلِهَا قَوَدٌ , أَوْ قَتَلَ ابْنًا لَهُ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ وَأَنَّهُ لاَ يَجِبُ بِهَا الْمَالُ دُونَ التَّخْيِيرِ فِي الْمَالِ , أَوْ الْقِصَاصِ فَإِذَا كَانَ الْقِصَاصُ هُوَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهَا فَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِشَيْءٍ يَمْلِكُهُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَالْمَالُ يَمْلِكُهُ ؟ قِيلَ : أَجَلْ وَلَكِنْ لَيْسَ يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَنْ يَمْلِكَ الْقِصَاصَ مَعَهُ لاَ أَنَّ الْمَالَ إذَا حَلَفَ كَانَ لَهُ دُونَ الْقِصَاصِ وَلاَ الْقِصَاصَ دُونَ الْمَالِ فَلَمَّا كَانَ إنَّمَا لاَ يَثْبُتُ لَهُ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ , وَكَانَ الْمَالُ لاَ يُمْلَكُ دُونَ الْقِصَاصِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ لاَ يُمْلَكُ , وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ مَتَاعًا مِنْ حِرْزٍ يَسْوَى أَكْثَرَ مِمَّا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ كَانَ مُخَالِفًا لاََنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ فِيمَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَغْرَمُ السَّارِقُ مَا ذَهَبَ لَهُ بِهِ وَلاَ يُقْطَعُ . فَإِنْ قِيلَ : مَا فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا , وَالْقِصَاصِ ؟ قِيلَ لَهُ : فِي السَّرِقَةِ شَيْئَانِ . أَحَدُهُمَا : شَيْءٌ يَجِبُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الْقَطْعُ , وَالْآخَرُ شَيْءٌ يَجِبُ لِلْآدَمِيِّينَ وَهُوَ الْغُرْمُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُهُ غَيْرُ حُكْمِ صَاحِبِهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا دَلَّ عَلَى هَذَا ؟ قِيلَ : قَدْ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُ وَلاَ يَسْقُطُ الْغُرْمُ وَيَسْقُطُ الْغُرْمُ وَلاَ يَسْقُطُ الْقَطْعُ . فَإِنْ قَالَ وَأَيْنَ ؟ قِيلَ : يَسْرِقُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلاَ يُقْطَعُ وَيَغْرَمُ وَيَخْتَلِسُ@

الصفحة 7