كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)
بِكُمْ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ قُلْت وَلَمْ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ كَلاَمٌ تُرْسِلُونَهُ لاَ بِمَعْرِفَةٍ فَإِذَا سُئِلْتُمْ عَنْهُ لَمْ تَقِفُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْبَلَهُ أَرَأَيْتُمْ إذَا سُئِلْتُمْ مَنْ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِالْمَدِينَةِ ؟ أَهُمْ الَّذِينَ ثَبَتَ لَهُمْ الْحَدِيثُ وَثَبَتَ لَهُمْ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدِيثٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : نَعَمْ قُلْت يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ فِي هَذَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمْ إجْمَاعٌ لَمْ تَكُونُوا وَصَلْتُمْ إلَى الْخَبَرِ عَنْهُمْ إلَّا مِنْ جِهَةِ خَبَرِ الِانْفِرَادِ الَّذِي رَدَدْتُمْ مِثْلَهُ فِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنْ ثَبَتَ خَبَرُ الِانْفِرَادِ فَمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَحَقُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ وَالْآخَرُ أَنَّكُمْ لاَ تَحْفَظُونَ فِي قَوْلِ وَاحِدٍ غَيْرِكُمْ شَيْئًا مُتَّفَقًا فَكَيْفَ تُسَمُّونَ إجْمَاعًا لاَ تَجِدُونَ فِيهِ عَنْ غَيْرِكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا ؟ وَكَيْفَ تَقُولُونَ : أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ عَلَى لِسَانِكُمْ وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ إنَّا ذَهَبْنَا إلَى أَنَّ إجْمَاعَهُمْ أَنْ يَحْكُمَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَوْ عُثْمَانُ رضي الله عنهم بِالْمَدِينَةِ بِحُكْمٍ أَوْ يَقُولَ الْقَوْلَ
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إنَّهُ قَدْ احْتَجَّ لَكُمْ بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ بِأَنْ قَالَ : مَا قُلْتُمْ وَكَانَ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَقَوْلُ الْقَائِلِ مِنْ الْأَئِمَّةِ لاَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ إلَّا عِلْمًا ظَاهِرًا غَيْرَ مُسْتَتِرٍ وَهُمْ يُجْمِعُونَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَطْلَبُ النَّاسِ لِمَا ذَهَبَ عِلْمُهُ عَنْهُمْ مِنْهَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَعَلَى الْمَوَاسِمِ وَفِي الْمَسَاجِدِ وَفِي عُرَامِ النَّاسِ وَيَبْتَدِئُونَ فَيُخْبِرُونَ بِمَا لَمْ يُسْأَلُوا عَنْهُ فَيَقْبَلُونَ مِمَّنْ أَخْبَرَهُمْ مَا أَخْبَرَهُمْ إذَا ثَبَتَ لَهُمْ فَإِذَا حَكَمَ أَحَدُهُمْ الْحُكْمَ لَمْ تُجَوِّزْ أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهِ إلَّا وَهُوَ مُوَافِقٌ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ@
الصفحة 751