كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)

يَكُونَ عَلَى النَّاسِ الْعَمَلُ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا بِأَنْ يَعْمَلَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ أَوْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْإِمَامِ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَعَهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ كَانَ جَمِيعُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي مِثْلِ حَالِهِ لِأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَبْتَدِئَ الْعَمَلَ بِهِ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَوْ مَنْ بَعْدَهُ قَالَ : فَلاَ أَقُولُ هَذَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : فَمَا تَقُولُ فِي عُمَرَ وَأَبُو بَكْرٍ إمَامٌ قَبْلَهُ إذَا وَرَدَ خَبَرُ الْوَاحِدِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يُخَالِفْهُ ؟ قَالَ : يَقْبَلُهُ قُلْت : أَيَقْبَلُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : نَعَمْ وَلِمَ يُخَالِفْهُ قُلْت : أَفَيَثْبُتُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ عَمَلٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ : قُلْت وَهَكَذَا عُمَرُ فِي آخَرِ خِلاَفَتِهِ وَأَوَّلِهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ قُلْت : وَهَكَذَا عُثْمَانُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قُلْت : زَعَمْت أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَلْزَمُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ عَمَلٌ قَبْلَهُ وَقَدْ وَلِيَ الْأَئِمَّةُ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ وَلَمْ يَدَعُوهُ قَالَ : فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سُنَّةٌ إلَّا عَمِلَ بِهَا الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : فَقُلْت لَهُ وَقَدْ حُفِظَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْيَاءُ لاَ يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ فِيهَا شَيْءٌ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ سُنَنٌ كَثِيرَةٌ وَلَكِنْ مِنْ أَيْنَ تَرَى ذَلِكَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : فَقُلْت : اسْتَغْنَى فِيهَا فَالْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَمَّنْ بَعْدَهُ وَذَلِكَ أَنَّ بِالْخَلْقِ الْحَاجَةَ إلَى الْخَبَرِ عَنْهُ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ اتِّبَاعَهُ وَلَعَلَّ مِنْهَا مَا لَمْ يَرِدْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ قَالَ : فَمَثِّلْ لِي مَا عَلِمْت أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ خُلَفَائِهِ فَلَمْ يُحْكَ عَنْهُ فِيهِ شَيْءٌ قُلْت : قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ? لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ ? لاَ أَشُكُّ أَنْ قَدْ وَرَدَ عَلَى جَمِيعِ خُلَفَائِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا الْقَائِمِينَ بِأَخْذِ الْعُشْرِ مِنْ النَّاسِ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ @

الصفحة 755