كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 8)

بَلْ وَجَدْنَا بَعْضَ مَا يَقُولُ الْإِجْمَاعَ مُتَفَرِّقًا فِيهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : فَقَالَ : فَإِنْ قُلْت : إذَا وَجَدْت قَرْنًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِ عِلْمٍ يَقُولُونَ الْقَوْلَ يَكُونُ أَكْثَرُهُمْ مُتَّفِقِينَ عَلَيْهِ سَمَّيْت ذَلِكَ إجْمَاعًا وَافَقَهُ مَنْ قَبْلَهُ أَوْ خَالَفَهُ فَأَمَّا مَنْ قَبْلَهُمْ فَلاَ يَكُونُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى شَيْءٍ بِجَهَالَةِ مَا كَانَ قَبْلَهُمْ وَلاَ يَتْرُكُونَ مَا قَبْلَهُمْ أَبَدًا إلَّا بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ عِنْدَهُمْ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ قُلْت أَفَرَأَيْت إذَا أَجَزْت لَهُمْ خِلاَفَ مَنْ فَوْقَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَحْكُوا لَك أَنَّهُمْ تَرَكُوا عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ قَوْلَهُمْ لِشَيْءٍ عَلِمُوهُ أَتُجِيزُ ذَلِكَ بِتَوَهُّمِك عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يَدَعُونَهُ إلَّا بِحُجَّةٍ ثَابِتَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ لاَ يَكُونُوا عَلِمُوا قَوْلَ مَنْ قَبْلَهُمْ فَقَالُوا بِآرَائِهِمْ أَتُجِيزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يَدَعُوا عَلَيْهِمْ أَقَاوِيلَهُمْ الَّتِي قَبِلْتهَا مِنْهُمْ ثُمَّ يَقُولُونَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ مَا قُلْت لَهُمْ هُمْ لاَ يَدَعُونَهَا إلَّا بِحُجَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهَا قَالَ : فَإِنْ قُلْت : نَعَمْ ؟ قُلْت إذًا تَجْعَلُ الْعِلْمَ أَبَدًا لِلْآخِرِينَ كَمَا قُلْت أَوَّلاً قَالَ : فَإِنْ قُلْت لاَ ؟ قُلْت : فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ أَنْ يُخَالِفُوا مَنْ قَبْلَهُمْ قَالَ : فَإِنْ قُلْت : أُجِيزُ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضِ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ قُلْت : فَإِنَّمَا زَعَمْت أَنَّك أَنْتَ الْعِلْمُ فَمَا أَجَزْت جَازَ وَمَا رَدَدْت رُدَّ أَفَتَجْعَلُ هَذَا لِغَيْرِك فِي الْبُلْدَانِ فَمَا مِنْ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ بَلَدٌ إلَّا وَفِيهِ عِلْمٌ قَدْ صَارَ أَهْلُهُ إلَى اتِّبَاعِ قَوْلِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهِ فِي أَكْثَرِ أَقَاوِيلِهِ أَفَتَرَى لِأَهْلِ مَكَّةَ حُجَّةً إنْ قَلَّدُوا عَطَاءً فَمَا وَافَقَهُ مِنْ الْحَدِيثِ وَافَقُوهُ وَمَا خَالَفَهُ خَالَفُوهُ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ قَوْلِهِ ؟ أَوْ تَرَى لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ حُجَّةً بِمِثْلِ هَذَا فِي الْحَسَنِ أَوْ ابْنِ سِيرِينَ أَوْ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ فِي الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَكُلُّ مَنْ وَصَفْنَا أَهْلُ عِلْمٍ وَإِمَامَةٍ فِي دَهْرِهِ وَفَوْقَ مَنْ بَعْدَهُمْ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ اللَّازِمُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ اتِّبَاعُهُمَا قَالَ : فَتَقُولُ أَنْتَ مَاذَا ؟ . قُلْت : أَقُولُ مَا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَوْجُودَيْنِ فَالْعُذْرُ @

الصفحة 763