كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَلَوْ كُنَّا مِمَّنْ لاَ يَقْبَلُ الْخَبَرَ فَقَالَ قَائِلٌ : الْوَصِيَّةُ نَسَخَتْ الْفَرَائِضَ هَلْ نَجِدُ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ إلَّا بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ . قَالَ : هَذَا شَبِيهٌ بِالْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ وَالْحُجَّةُ لَك ثَابِتَةٌ بِأَنَّ عَلَيْنَا قَبُولَ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ صِرْت إلَى أَنَّ قَبُولَ الْخَبَرِ لاَزِمٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِمَا ذَكَرْت وَمَا فِي مِثْلِ مَعَانِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسَتْ تَدْخُلُنِي أَنَفَةٌ مِنْ إظْهَارِ الِانْتِقَالِ عَمَّا كُنْت أَرَى إلَى غَيْرِهِ إذَا بَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ بَلْ أَتَدَيَّنُ بِأَنَّ عَلَيَّ الرُّجُوعَ عَمَّا كُنْت أَرَى إلَى مَا رَأَيْتُهُ الْحَقَّ وَلَكِنْ أَرَأَيْت الْعَامَّ فِي الْقُرْآنِ كَيْفَ جَعَلْتَهُ عَامًّا مَرَّةً وَخَاصًّا أُخْرَى , قُلْت لَهُ : لِسَانُ الْعَرَبِ وَاسِعٌ وَقَدْ تَنْطِقُ بِالشَّيْءِ عَامًّا تُرِيدُ بِهِ الْخَاصَّ فَيَبِينُ فِي لَفْظِهَا وَلَسْت أَصِيرُ فِي ذَلِكَ بِخَبَرٍ إلَّا بِخَبَرٍ لاَزِمٍ , وَكَذَلِكَ أَنْزَلَ فِي الْقُرْآنِ فَبَيَّنَّ فِي الْقُرْآنِ مَرَّةً وَفِي السُّنَّةِ أُخْرَى قَالَ : فَاذْكُرْ مِنْهَا شَيْئًا قُلْت : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ? اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ? فَكَانَ مُخْرِجًا بِالْقَوْلِ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَقَالَ : : ? إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? فَكُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٌ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَهَذَا عَامٌّ يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَفِيهِ الْخُصُوصُ وَقَالَ : ? إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? فَالتَّقْوَى وَخِلاَفُهَا لاَ تَكُونُ إلَّا لِلْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ وَقَالَ : : ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ ? وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُونُوا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ شَيْئًا لِأَنَّ فِيهِمْ الْمُؤْمِنَ وَمَخْرَجُ الْكَلاَمِ عَامًّا فَإِنَّمَا أُرِيدَ مِنْ كَانَ هَكَذَا وَقَالَ : : ? وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ@

الصفحة 11