كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

نَقْبَلُ حَدِيثَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَنَجِدُ الدَّلاَلَةَ عَلَى صِدْقِ الْمُحَدِّثِ وَغَلَطِهِ مِمَّنْ شَرِكَهُ مِنْ الْحُفَّاظِ وَبِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَفِي هَذَا دَلاَلاَتٌ وَلاَ يُمْكِنُ هَذَا فِي الشَّهَادَاتِ قَالَ : فَأَقَامَ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ التَّفْرِيقِ فِي رَدِّ الْخَبَرِ وَقَبُولِ بَعْضِهِ مَرَّةً وَرَدِّ مِثْلِهِ أُخْرَى مَعَ مَا وَصَفْت مِنْ بَيَانِ الْخَطَأِ فِيهِ وَمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ اخْتِلاَفِ أَقَاوِيلِهِمْ وَفِيمَا وَصَفْنَا هَهُنَا وَفِي الْكِتَابِ قَبْلَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ فَقَالَ لِي : قَدْ قَبِلْت مِنْك أَنْ أَقْبَلَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلِمْت أَنَّ الدَّلاَلَةَ عَلَى مَعْنَى مَا أَرَادَ بِمَا وَصَفْت مِنْ فَرْضِ اللَّهِ طَاعَتَهُ فَأَنَا إذَا قَبِلْت خَبَرَهُ فَعَنْ اللَّهِ قَبِلْت مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَعَلِمْت مَا ذَكَرْت مِنْ أَنَّهُمْ لاَ يَجْتَمِعُونَ وَلاَ يَخْتَلِفُونَ إلَّا عَلَى حَقٍّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَفَرَأَيْت مَا لَمْ نَجِدْهُ نَصًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَسْمَعُك تَسْأَلُ عَنْهُ فَتُجِيبُ بِإِيجَابِ شَيْءٍ وَإِبْطَالِهِ مِنْ أَيْنَ وَسِعَك الْقَوْلُ بِمَا قُلْت مِنْهُ ؟ وَأَتَى لَك بِمَعْرِفَةِ الصَّوَابِ وَالْخَطَأِ فِيهِ ؟ . وَهَلْ تَقُولُ فِيهِ اجْتِهَادًا عَلَى عَيْنٍ مَطْلُوبَةٍ غَائِبَةٍ عَنْك أَوْ تَقُولُ فِيهِ مُتَعَسِّفًا ؟ فَمَنْ أَبَاحَ لَك أَنْ تُحِلَّ وَتُحَرِّمَ وَتُفَرِّقَ بِلاَ مِثَالٍ مَوْجُودٍ تَحْتَذِي عَلَيْهِ ؟ فَإِنْ أَجَزْت ذَلِكَ لِنَفْسِك جَازَ لِغَيْرِك أَنْ يَقُولَ بِمَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِهِ بِلاَ مِثَالٍ يَصِيرُ إلَيْهِ وَلاَ عِبْرَةَ تُوجَدُ عَلَيْهِ يَعْرِفُ بِهَا خَطَؤُهُ مِنْ صَوَابِهِ فَأَيْنَ مِنْ هَذَا إنْ قَدَّرْت مَا تَقُومُ لَك بِهِ الْحُجَّةُ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُك بِمَا لاَ حُجَّةَ لَك فِيهِ مَرْدُودًا عَلَيْك فَقُلْت لَهُ : لَيْسَ لِي وَلاَ لِعَالِمٍ أَنْ يَقُولَ فِي إبَاحَةِ شَيْءٍ وَلاَ حَظْرِهِ وَلاَ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَلاَ إعْطَائِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ ذَلِكَ نَصًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ خَبَرٍ يَلْزَمُ فَمَا لَمْ يَكُنْ دَاخِلاً فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فَلاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقُولَهُ بِمَا اسْتَحْسَنَّا وَلاَ بِمَا خَطَرَ عَلَى قُلُوبِنَا وَلاَ نَقُولُهُ إلَّا قِيَاسًا عَلَى اجْتِهَادٍ بِهِ عَلَى طَلَبِ @

الصفحة 14