كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

دُونَ الْمُوضِحَةِ بِعَقْلٍ قِيَاسًا فَالْحَقُّ أَنْ يَقْضِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْجِنَايَةِ الْخَطَأِ مَا كَانَتْ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لاَ يَجُوزُ إلَّا ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . وَلَقَلَّمَا رَأَيْت بَعْضَ النَّاسِ عَابَ شَيْئًا إلَّا شَرَكَ فِي طَرَفٍ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُحْسِنُ أَنْ يَتَخَلَّصَ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَتَخَلَّصُ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّا لَعَلَّ فِيهِ مُؤْنَةً عَلَى مَنْ جَهِلَ مَوْضِعَ الْحُجَّةِ فَأَمَّا مَنْ عَلِمَهَا فَلَيْسَتْ عَلَيْهَا مُؤْنَةٌ فِيهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ تَعْقِلَ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ كَأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ عَلَيْهِمْ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا لِأَنَّ الثُّلُثَ يَفْدَحُ وَمَا دُونَهُ لاَ يَفْدَحُ قُلْنَا فَلِمَ لَمْ تَجْعَلْ هَذَا فِي دَمِ الْعَمْدِ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ مِائَةُ دِيَةٍ عَمْدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِينُوهُ فِيهَا بِفَلْسٍ أَوْ رَأَيْت لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِيهِ مَا وَصَفْت فَجَنَى جَانِيَانِ أَحَدُهُمَا مُعْسِرٌ بِدِرْهَمٍ وَالْآخَرُ مُوسِرٌ بِأَلْفِ أَلْفٍ أَمَا يَكُونُ الدِّرْهَمُ لِلْمُعْسِرِ بِهِ أَفْدَحَ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ لِلْمُوسِرِ بِهَا الَّذِي لاَ يَكُونُ جُزْءًا مِنْ أَلْفٍ مِنْ مَالِهِ فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْت كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَر فِي حَالِ الْجَانِي فَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ دِرْهَمًا فَفَدْحُهُ جَعَلْته عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ أَلْفَيْنِ وَلاَ تَفْدَحُهُ لَمْ تَجْعَلْ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهَا شَيْئًا . فَإِنْ قَالَ لَوْ قُلْت هَذَا خَرَجْت مِنْ السُّنَّةِ قِيلَ قَدْ خَرَجْت مِنْ السُّنَّةِ وَلَمْ تَقُلْ ذَا وَلاَ شَيْئًا لَهُ وَجْهٌ قَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ أَنْ تَعْقِلَ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا قُلْنَا الْقَدِيمُ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَيَلْزَمُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ@

الصفحة 149