كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? وَشَطْرُهُ قَصْدُهُ وَذَلِكَ تِلْقَاؤُهُ قَالَ : أَجَلْ . قُلْت : وَقَالَ : : ? هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبِرِّ وَالْبَحْرِ ? وَقَالَ : وَسَخَّرَ لَكُمْ النُّجُومَ وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَيْثُ وَضَعَهُ مِنْ أَرْضِهِ فَكَلَّفَ خَلْقَهُ التَّوَجُّهَ إلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْبَيْتَ فَلاَ يَسَعُهُ إلَّا الصَّوَابُ بِالْقَصْدِ إلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغِيبُ عَنْهُ وَتَنْأَى دَارُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ فَيَتَوَجَّهُ إلَيْهِ بِالِاسْتِدْلاَلِ بِالنُّجُومِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالرِّيَاحُ وَالْجِبَالُ وَالْمَهَابُّ كُلُّ هَذَا قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ وَيَدُلُّ فِيهَا وَيَسْتَغْنِي بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ قَالَ : هَذَا كَمَا وَصَفْت وَلَكِنْ عَلَى إحَاطَةٍ أَنْتَ مِنْ أَنْ تَكُونَ إذَا تَوَجَّهْت أَصَبْت قُلْت : أَمَّا عَلَى إحَاطَةٍ مِنْ أَنِّي إذَا تَوَجَّهْت أَصَبْت مَا أُكَلَّفُ وَإِنْ لَمْ أُكَلَّفْ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَنَعَمْ قَالَ : أَفَعَلَى إحَاطَةٍ أَنْتَ مِنْ صَوَابِ الْبَيْتِ بِتَوَجُّهِك ؟ قُلْت : أَفَهَذَا شَيْءٌ كُلِّفْت الْإِحَاطَةَ فِي أَصْلِهِ الْبَيْتُ وَإِنَّمَا كُلِّفْت الِاجْتِهَادَ قَالَ : فَمَا كُلِّفْت ؟ قُلْت : التَّوَجُّهُ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَدْ جِئْت بِالتَّكْلِيفِ وَلَيْسَ يَعْلَمُ الْإِحَاطَةَ بِصَوَابِ مَوْضِعِ الْبَيْتِ آدَمِيٌّ إلَّا بِعِيَانٍ فَأَمَّا مَا غَابَ عَنْهُ مِنْ عَيْنِهِ فَلاَ يُحِيطُ بِهِ آدَمِيٌّ قَالَ : فَنَقُولُ أَصَبْت قُلْت : نَعَمْ عَلَى مَعْنَى مَا قُلْت أَصَبْت عَلَى مَا أُمِرْت بِهِ فَقَالَ : مَا يَصِحُّ فِي هَذَا جَوَابٌ أَبَدًا غَيْرَ مَا أَجَبْت بِهِ وَإِنَّ مَنْ قَالَ : كُلِّفْت الْإِحَاطَةَ بِأَنْ أُصِيبَ لَزَعَمَ @

الصفحة 16