كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ? الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ? وَقَالَ : ? وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ? وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى يُقْتَدَى بِهِ حَدَّ أَحَدًا قَطُّ عَلَى غَيْرِ فِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ قَوْلِهِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً حَبَسَ رَجُلاً لِرَجُلِ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ الْقَاتِلُ وَعُوقِبَ الْحَابِسُ وَلاَ يَجُوزُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا قَتَلْت الْقَاتِلَ بِالْقَتْلِ أَنْ أَقْتُلَ الْحَابِسَ بِالْحَبْسِ وَالْحَبْسُ غَيْرُ الْقَتْلِ وَمَنْ قَتَلَ هَذَا فَقَدْ أَحَالَ حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ اللَّهَ إذَا قَالَ : ? كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ? فَالْقِصَاصُ أَنْ يُفْعَلَ بِالْمَرْءِ مِثْلُ مَا فَعَلَ . وَقُلْنَا أَرَأَيْت الْحَابِسَ إذَا اقْتَصَصْنَا مِنْهُ وَالْقِصَاصُ هُوَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ هَلْ ثَمَّ قَتْلٌ فَيُقْتَلُ بِهِ وَإِنَّمَا ثَمَّ حَبْسٌ وَالْحَبْسُ مَعْصِيَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا قِصَاصٌ فَيُعَزَّرُ عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ حَبَسَهُ لِيَقْتُلَهُ أَوْ لاَ يَقْتُلَهُ وَلَوْ كَانَ الْحَبْسُ يَقُومُ مَقَامَ الْقَتْلِ إذَا نَوَى الْحَابِسُ أَنْ يَقْتُلَ الْمَحْبُوسَ انْبَغَى لَوْ لَمْ يُقْتَلْ أَنْ يَقْتُلَهُ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ الْفِعْلَ الَّذِي يُقِيمُهُ مَقَامَ الْقَتْلِ مَعَ النِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ عَلَى خِلاَفِ مَا قَالَ صَاحِبُنَا وَعَلَى مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْجُمْلَةِ وَعَامَّةُ مَا أَدْخَلَ مُحَمَّدٌ عَلَى صَاحِبِنَا يَدْخُلُ وَأَكْثَرُ مِنْهُ وَلَكِنْ مُحَمَّدٌ لاَ يَسْلَمُ مِنْ أَنْ يَغْفُلَ فِي مَوْضِعٍ آخَرِ فَيَدْخُلَ فِي أَكْثَرَ مِمَّا عَابَ عَلَى صَاحِبِنَا فَيَكُونَ جَمِيعُ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَى صَاحِبِنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ حُجَّةً عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَمَا ذَلِكَ ؟ قِيلَ يَزْعُمُ أَنَّ قَوْمًا لَوْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ فَقَتَلُوا وَلَهُمْ قَوْمٌ رِدْءٌ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَإِنْ كَانُوا لاَ يَرَوْنَ مَا فَعَلَ هَؤُلاَءِ مِنْ الْقَتْلِ قُتِلَ الْقَاتِلُونَ بِقَتْلِهِمْ وَالرَّادُّونَ بِأَنَّ هَؤُلاَءِ قَتَلُوا بِقُوَّتِهِمْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : فَقُلْت لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَوْ رَوَيْت فِي هَذَا شَيْئًا ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ رِوَايَةً فَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت رَجُلاً شَدِيدًا أَرَادَ رَجُلٌ ضَعِيفٌ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَ لِرَجُلٍ شَدِيدٍ لَوْلاَ ضَعْفِي قَتَلْت فُلاَنًا فَقَالَ أَنَا أُكَتِّفُهُ لَك فَكَتَّفَهُ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ وَرَفَعَ لِحْيَتَهُ حَتَّى أَبْرَزَ مَذْبَحَهُ وَأَعْطَى الضَّعِيفَ سِكِّينًا فَذَبَحَهُ@

الصفحة 164