كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَرَأَيْتُمْ الْمَرْأَةَ فِي الْعَقْلِ أَلَيْسَتْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ ؟ قَالُوا بَلَى : قِيلَ لَهُمْ فَكَيْفَ قُطِعَتْ يَدُهُ بِيَدِهَا وَيَدُهُ ضِعْفُ يَدِهَا فِي الْعَقْلِ ؟ قَالُوا أَنْتَ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا أَنْتَ تَقْتُلُهُ بِالْمَرْأَةِ وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ قِيلَ لَهُمْ لَيْسَتْ النَّفْسُ كَغَيْرِهَا أَلاَ تَرَى أَنَّ عَشَرَةً لَوْ قَتَلُوا رَجُلاً ضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى قُتِلُوا بِهِ جَمِيعًا . وَلَوْ أَنَّ عَشَرَةً قَطَعُوا يَدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ لَمْ تُقْطَعْ أَيْدِيهِمْ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ النَّفْسُ وَالْجِرَاحُ . فَإِنْ قُلْتُمْ إنَّا نَقْطَعُ يَدَيْ رَجُلَيْنِ بِيَدِ رَجُلٍ فَأَخْبِرُونَا عَنْ رَجُلَيْنِ قَطَعَا يَدَ رَجُلٍ جَمِيعًا جَزَّهَا أَحَدُهُمَا مِنْ أَعْلاَهَا وَالْآخَرُ مِنْ أَسْفَلِهَا حَتَّى الْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ فِي النِّصْفِ مِنْهَا أَتُقْطَعُ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا قُطِعَ نِصْفُ يَدِهِ ؟ لَيْسَ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَخْفَى عَلَى أَحَد .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : إذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ قُتِلَ بِهَا وَإِذَا قَطَعَ يَدَهَا قُطِعَتْ يَدُهُ بِيَدِهَا فَإِذَا كَانَتْ النَّفْسُ الَّتِي هِيَ الْأَكْثَرُ بِالنَّفْسِ فَاَلَّذِي هُوَ أَقَلُّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِمَا هُوَ أَقَلُّ وَلَيْسَ الْقِصَاصُ مِنْ الْعَقْلِ بِسَبِيلٍ . أَلاَ تَرَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ بِالْمَرْأَةِ فَقَدْ يَقْتُلُهُ بِهَا وَعَقْلُهَا نِصْفُ عَقْلِهِ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَدِيَةُ الْحُرِّ عِنْدَهُ أَلْفُ دِينَارٍ وَلَعَلَّ دِيَةَ الْعَبْدِ خَمْسَةُ دَنَانِيرِ فَلَوْ كَانَ تَفَاوُتُ الدِّيَةِ يَمْنَعُ الْقَتْلَ لَمْ يُقْتَلْ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلاَ حُرٌّ بِعَبْدٍ لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ فِي الْعَبْدِ عِنْدَهُ إلَّا أَقَلُّ مِنْ دِيَةِ حُرٍّ وَلاَ عَبْدٌ بِعَبْدٍ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ أَكْثَرَ قِيمَةٍ مِنْ الْمَقْتُولِ . فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى الْعَقْلِ بِسَبِيلٍ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْجِرَاحِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَهَا ذِكْرًا وَاحِدًا فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي حَكَمَ بِهَا فِيهِ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ? النَّفْسَ بِالنَّفْسِ - ? إلَى - : ? وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ? فَلَمْ يُوجِبْ فِي النَّفْسِ@

الصفحة 166