كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي الدِّيوَانِ رَاجِلاً وَدَخَلَ أَرْضَ الْعَدُوِّ غَازِيًا رَاجِلاً ثُمَّ ابْتَاعَ فَرَسًا يُقَاتِلُ عَلَيْهِ وَأُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةُ وَهُوَ فَارِسٌ أَنَّهُ لاَ يُضْرَبُ لَهُ إلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دِيوَانٌ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسْهِمُ لِلْخَيْلِ وَتَتَابَعَ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ حُجَّةٌ وَنَحْنُ أَيْضًا نُسْهِمُ لِلْفَارِسِ كَمَا قَالَ فَهَلْ عِنْدَهُ أَثَرٌ مُسْنَدٌ عَنْ الثِّقَاتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْهَمَ سَهْمَ فَارِسٍ لِرَجُلٍ غَزَا مَعَهُ رَاجِلاً ثُمَّ اسْتَعَارَ أَوْ اشْتَرَى فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَيُفَسِّرُهَا هَكَذَا وَعَلَيْهِ فِي هَذَا أَشْيَاءُ أَرَأَيْت لَوْ قَاتَلَ عَلَيْهِ بَعْضَ يَوْمٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ سَاعَةً أَكُلُّ هَؤُلاَءِ يُضْرَبُ لَهُمْ بِسَهْمِ فَرَسٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَرَسٌ وَاحِدٌ هَذَا لاَ يَسْتَقِيمُ وَإِنَّمَا تُوضَعُ الْأُمُورُ عَلَى مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْجُنْدُ فَمَنْ دَخَلَ فَارِسًا أَرْضَ الْحَرْبِ فَهُوَ فَارِسٌ وَمَنْ دَخَلَ رَاجِلاً فَهُوَ رَاجِلٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ الدَّوَاوِينُ مُنْذُ زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه إلَى يَوْمِك هَذَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى الْقَوْلُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَدْ زَعَمَ أَبُو يُوسُفَ أَنَّ السُّنَّةَ جَرَتْ عَلَى مَا قَالَ وَعَابَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ أَنْ يَقُولَ قَدْ جَرَتْ السُّنَّةُ بِغَيْرِ رِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ مُفَسِّرَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا بِغَيْرِ رِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ وَلاَ خَبَرٍ ثَابِتٍ ثُمَّ قَالَ الْأَمْرُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الدِّيوَانُ مُنْذُ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه وَهُوَ لاَ يُخَالِفُ فِي أَنَّ الدِّيوَانَ مُحْدَثٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دِيوَانٌ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ أَبِي بَكْرٍ وَلاَ صَدْرٍ مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ وَأَنَّ عُمَرَ إنَّمَا دَوَّنَ الدِّيوَانَ حِينَ كَثُرَ الْمَالَ وَالسُّنَّةُ إنَّمَا تَكُونُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ بِسَهْمٍ فَهَذَا الدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لِأَنَّهُ لاَ يُسْهَمُ عِنْدَهُ وَلاَ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرُ الْقِتَالِ فَارِسًا فَكَيْفَ يُعْطَى بِفَرَسِهِ مَا لاَ يُعْطَى بِبَدَنِهِ @

الصفحة 185