كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

قُلْت أَفَرَأَيْت الثَّانِيَ الَّذِي قُلْت لاَ تَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَوَامُّ بَلْ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ وَتَحْكِي عَمَّنْ قَبْلَهَا الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ أَتَعْرِفُهُ فَتَصِفُهُ أَوْ تَعْرِفُ الْعَوَامَّ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ عَنْ الْعَوَامّ أَهُمْ كَمَنْ قُلْت فِي جُمَلِ الْفَرَائِضِ فَأُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ وَمَنْ لاَ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ وَلاَ نَجِدُ أَحَدًا بَالِغًا فِي الْإِسْلاَمِ غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ يَشُكُّ أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ أَنَّ الظُّهْرَ أَرْبَعٌ أَمْ هُوَ وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالَ بَلْ هُوَ وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا قُلْت فَصِفْهُ قَالَ هَذَا إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ دُونَ مَنْ لاَ عِلْمَ لَهُ يَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ بِالْعِلْمِ دُونَهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا قَامَتْ بِهِمْ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ لاَ عِلْمَ لَهُ وَإِذَا افْتَرَقُوا لَمْ تَقُمْ بِهِمْ عَلَى أَحَدٍ حُجَّةٌ وَكَانَ الْحَقُّ فِيمَا تَفَرَّقُوا فِيهِ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْقِيَاسِ عَلَى مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَأَيَّ حَالٍ وَجَدْتهمْ بِهَا ؟ دَلَّتْنِي عَلَى حَالِ مَنْ قَبْلَهُمْ إنْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ مِنْ جِهَةٍ عَلِمْت أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُجْتَمِعُونَ مِنْ كُلِّ قَرْنٍ لِأَنَّهُمْ لاَ يَجْتَمِعُونَ مِنْ جِهَةٍ . فَإِنْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ عَلِمْت أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ مِنْ كُلِّ قَرْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ مِنْ خَبَرٍ يَحْكُونَهُ أَوْ غَيْرِ خَبَرِ لِلِاسْتِدْلاَلِ أَنَّهُمْ لاَ يَجْتَمِعُونَ إلَّا بِخَبَرٍ لاَزِمٍ وَسَوَاءٌ إذَا تَفَرَّقُوا حَكَوْا خَبَرًا بِمَا وَافَقَ بَعْضَهُمْ أَوْ لَمْ يَحْكُوهُ لِأَنِّي لاَ أَقْبَلُ مِنْ أَخْبَارِهِمْ إلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِهِ فَأَمَّا مَا تَفَرَّقُوا فِي قَبُولِهِ فَإِنَّ الْغَلَطَ يُمْكِنُ فِيهِ فَلَمْ تَقُمْ حُجَّةٌ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْغَلَطُ قَالَ فَقُلْت لَهُ هَذَا تَجْوِيزُ إبْطَالِ الْأَخْبَارِ وَإِثْبَاتُ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّك زَعَمْت أَنَّ إجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ كَانَ فِيهِ خَبَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَأَنَّ افْتِرَاقَهُمْ غَيْرُ حُجَّةٍ كَانَ فِيهِ خَبَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ @

الصفحة 22