كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

فَقُلْت لَهُ إنْ كَانَ مَا قُلْت مِنْ هَذَا كَمَا قُلْت فَاَلَّذِي يَلْزَمُك فِيهِ أَكْثَرُ . لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي عِلْمِ الْخَاصَّةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي فِرْقَةٍ كَانَ أَنْ يُوجَدَ فِي الدُّنْيَا أَبْعَدَ قَالَ وَقُلْت قَوْلُك وَقَوْلُ مَنْ قَالَ الْإِجْمَاعُ خِلاَفُ الْإِجْمَاعِ قَالَ فَأَوْجِدْنِي مَا قُلْت . قُلْت إنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ قَبْلَك إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ أَوْ الْقَرْنِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَأَهْلِ زَمَانِك فَأَنْتَ تُثْبِتُ عَلَيْهِمْ أَمْرًا تُسَمِّيه إجْمَاعًا قَالَ مَا هُوَ ؟ اجْعَلْ لَهُ مِثَالاً لِأَعْرِفَهُ قُلْت كَأَنَّك ذَهَبَتْ إلَى أَنْ جَعَلْت ابْنَ الْمُسَيِّبِ عَالِمَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَطَاءَ عَالِمَ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْحَسَنَ عَالِمَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالشَّعْبِيَّ عَالِمَ أَهْلَ الْكُوفَةِ مِنْ التَّابِعِينَ فَجَعَلْت الْإِجْمَاعَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلاَءِ قَالَ نَعَمْ قُلْت زَعَمْت أَنَّهُمْ لَمْ يَجْتَمِعُوا قَطُّ فِي مَجْلِسٍ عَلِمْته وَإِنَّمَا اسْتَدْلَلْت عَلَى إجْمَاعِهِمْ بِنَقْلِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ وَأَنَّك لَمَّا وَجَدْتهمْ يَقُولُونَ فِي الْأَشْيَاءِ وَلاَ تَجِدُ فِيهَا كِتَابًا وَلاَ سُنَّةً اسْتَدْلَلْت عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا بِهَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَقُلْت الْقِيَاسُ الْعِلْمُ الثَّابِتُ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ حَقٌّ قَالَ هَكَذَا قُلْت وَقُلْت لَهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا قَالُوا مَا لَمْ تَجِدْهُ أَنْتَ فِي كِتَابٍ وَلاَ
سُنَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَمَا يَرَوْنَ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَقَالُوا بِالرَّأْيِ دُونَ الْقِيَاسِ قَالَ إنَّ هَذَا وَإِنْ أَمْكَنَ عَلَيْهِمْ فَلاَ أَظُنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا شَيْئًا فَتَرَكُوا ذِكْرَهُ وَلاَ أَنَّهُمْ قَالُوا إلَّا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَقُلْت لَهُ لِأَنَّك وَجَدْت أَقَاوِيلَهُمْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ لاَزِمٌ لَهُمْ أَوْ إنَّمَا هَذَا شَيْءٌ ظَنَنْته لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَقُلْت لَهُ فَلَعَلَّ الْقِيَاسَ لاَ يَحِلُّ عِنْدَهُمْ مَحَلَّهُ عِنْدَك قَالَ مَا أَرَى إلَّا مَا وَصَفْت لَك@

الصفحة 30