كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

فَقُلْت لَهُ هَذَا الَّذِي رَوَيْته عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ تَوَهُّمٌ , ثُمَّ جَعَلْت التَّوَهُّمَ حُجَّةً قَالَ فَمِنْ أَيْنَ أَخَذْت الْقِيَاسَ أَنْتَ وَمَنَعْت أَنْ لاَ يُقَالَ إلَّا بِهِ ؟ قُلْت مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَخَذْته مِنْهَا وَقَدْ كَتَبْته فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَقُلْت أَرَأَيْت الَّذِينَ نَقَلُوا لَك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَا تَجِدُ أَنْتَ فِيهِ خَيْرًا فَتَوَهَّمْت أَنَّهُمْ قَالُوهُ قِيَاسًا وَقُلْت إذَا وَجَدْت أَفْعَالَهُمْ مُجْتَمَعَةً عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى إجْمَاعِهِمْ أَنَقَلُوا إلَيْك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ الْمُنْفَرِدِ فَرَوَى أَبُو الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا وَأَخَذَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ مِنْ الْأُمَّةِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي الصَّرْفِ شَيْئًا فَأَخَذَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ مِنْ الْأُمَّةِ وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمُخَابَرَةِ شَيْئًا وَأَخَذَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْيَاءَ أَخَذَ بِهَا وَلَهُ فِيهَا مُخَالِفُونَ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ وَقَبْلَ الْيَوْمِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْيَاءَ أَخَذَ بِهَا وَلَهُ فِيهَا مُخَالِفُونَ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ وَقَبْلَ الْيَوْمِ وَرَوَوْا لَك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَاشُوا يَقُولُونَ بِأَقَاوِيلَ يُخَالِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيهَا قَضَاءَ صَاحِبِهِ وَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا قَالَ نَعَمْ قَدْ رَوَوْا هَذَا عَنْهُمْ فَقُلْت لَهُ فَهَؤُلاَءِ جَعَلْتَهُمْ أَئِمَّةً فِي الدِّينِ وَزَعَمْت أَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ فِعْلِهِمْ مَجْمَعًا عَلَيْهِ لَزِمَ الْعَامَّةَ الْأَخْذُ بِهِ وَرَوَيْت عَنْهُمْ سُنَنًا شَتَّى وَذَلِكَ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْخَبَرَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَتَوَسُّعُهُمْ فِي الِاخْتِلاَفِ , ثُمَّ عِبْت مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ لاَ شَكَّ فِيهِ وَخَالَفْتَهُمْ فِيهِ فَقُلْت لاَ يَنْبَغِي قَبُولُ الْخَبَرِ عَلَى الِانْفِرَادِ وَلاَ يَنْبَغِي الِاخْتِلاَفُ وَتَوَهَّمْت عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ قَاسُوا فَزَعَمْت أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الْقِيَاسَ وَلاَ يَقُولُ إلَّا بِمَا يَعْرِفُ أَنَّ قَوْلَك الْإِجْمَاعَ خِلاَفُ الْإِجْمَاعِ بِهَذَا وَبِأَنَّك زَعَمْت أَنَّهُمْ لاَ يَسْكُتُونَ عَلَى شَيْءٍ@

الصفحة 31