كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

يَرْجِعُ فِي الْوَصَايَا وَمُتَفَرِّقُونَ فِي الْوَصِيَّةِ فِي الْمُدَبَّرِ , قُلْت : فَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّدْبِيرُ وَصِيَّةً عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي جَمِيعِ الْوَصَايَا غَيْرَهُ وَافْتَرَقُوا فِيهِ فَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ الْقَوْلَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا يَرْجِعُ فِيهِ فَتَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لاَ يَرْجِعُ فِيهِ قَدْ تَرَكَ أَصْلَ قَوْلِهِ فِي أَنَّهُ وَصِيَّةٌ إذَا كَانَ يَرُدُّهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْوَصَايَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : , ثُمَّ ذَكَرْت أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ : لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ إذَا مِتّ أَنَا وَفُلاَنٌ فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ , وَلَوْ قَالَ : إذَا جَاءَتْ السَّنَةُ فَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ , فَقُلْت : فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَذَا وَلاَ يَرْجِعَ فِي قَوْلِهِ : إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ ؟ فَقَالَ : مَا هُمَا فِي الْقِيَاسِ إلَّا سَوَاءٌ , وَالْقِيَاسُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ كُلِّهِ ; لِأَنَّ أَصْلَ الْأَمْرِ فِيهِ أَنَّ هَؤُلاَءِ مَمَالِيكُ لَهُ أَوْصَى لَهُمْ بِالْعِتْقِ فِي وَقْتٍ لَمْ يَقَعْ فَنُثْبِتُ لَهُمْ بِهِ حُرِّيَّةٌ , قُلْنَا : فَهَذِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْك فِي الْمُدَبَّرِ قَالَ : وَأَخْرَجْت الْمُدَبَّرَ اتِّبَاعًا , وَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ , قُلْنَا : فَمَنْ اتَّبَعْت فِيهِ إنْ كَانَ قَالَ قَوْلَك أَحَدٌ أَكْثَرُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَاذْكُرْهُ , فَقَدْ خَالَفْت الْقِيَاسَ كَمَا زَعَمْت وَخَالَفَتْ السُّنَّةَ وَالْأَثَرَ وَأَنْتَ تَتْرُكُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَقَاوِيلَ لَهُ لاَ يُخَالِفُهُ فِيهَا أَحَدٌ وَتَزْعُمُ أَنْ لَيْسَتْ عَلَيْك فِيهِ حُجَّةٌ وَاَلَّذِينَ احْتَجَجْت بِمُوَافَقَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا يُخَالِفُونَك فِي . الْمُدَبَّرِ نَفْسِهِ فَيَبِيعُونَهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ إذَا كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَدَعْ مَالاً , قَالَ : هَؤُلاَءِ بَاعُوهُ فِي الْحِينِ الَّذِي صَارَ فِيهِ حُرًّا وَمَنَعُوهُ مِنْ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ حُرًّا , قُلْت : وَيَقُولُونَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا تَقَاوَمَاهُ , فَإِنْ صَارَ لِلَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ , فَقَالَ : وَهَذَا أَعْجَبُ مِنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُمْ أَبْطَلُوا التَّدْبِيرَ وَالسَّيِّدُ لاَ يُرِيدُ إبْطَالَهُ وَجَبَرُوا الْمَالِكِينَ عَلَى التَّقَاوُمِ وَهُمَا لاَ يُرِيدَانِهِ وَلاَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهَذَانِ أَبْعَدُ قَوْلَيْنِ قَالَهُمَا أَحَدٌ مِنْ الصَّوَابِ , قُلْت : فَإِذَا كَانَتْ حُجَّتُك بِأَنْ وَافَقَك هَؤُلاَءِ فِي مَعْنًى مِنْ قَوْلِك وَأَنْتَ تَسْتَدْرِكُ فِي قَوْلِهِمْ مَا تَقُولُ فِيهِ هَذَا الْقَوْلَ , أَفَتَرَى فِيك وَفِيهِمْ حُجَّةً@

الصفحة 338