كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

عَلَى أَحَدٍ لَوْ خَالَفَكُمْ ؟ قَالَ : مَا فِينَا حُجَّةٌ عَلَى أَحَدٍ , قُلْت : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ مَنْ خَالَفَكُمْ سُنَّةٌ وَلاَ أَثَرٌ , قَالَ : وَلَوْ قُلْت : فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي السُّنَّةِ , قَالَ : الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ مَعَهُ السُّنَّةُ , قُلْت : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ مَنْ خَالَفَكُمْ سُنَّةٌ كَانَتْ الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ مَعَهُ الْأَثَرُ قَالَ : نَعَمْ , قُلْت : فَهُمَا مَعًا مَعَنَا , قُلْت : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَثَرٌ كَانَتْ الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ مَعَهُ الْقِيَاسُ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قُلْت : وَأَنْتَ وَغَيْرُك تَشْهَدُ لَنَا أَنَّ السُّنَّةَ وَالْأَثَرَ وَالْقِيَاسَ مَعَنَا , فَكَيْفَ ذَهَبْت عَنْ هَذَا كُلِّهِ ؟ فَرَجَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عِنْدَهُمْ إلَى قَوْلِنَا فِي الْمُدَبَّرِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : وَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ : السُّنَّةُ وَالْأَثَرُ وَالْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ قَوْلُ مَنْ قَالَ : يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ , وَمَا رَأَيْت أَشَدَّ تَنَاقُضًا مِنْ قَوْلِنَا فِيهِ وَلَكِنْ أَصْحَابُنَا غَلَبُونَا , وَكَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ قَوْلِهِ الْأَكْثَرُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ مَعَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ , وَقَدْ حُكِيَ لِي عَنْهُ أَنَّهُ اشْتَرَى مُدَبَّرًا وَبَاعَهُ وَقَالَ : هَذِهِ السُّنَّةُ , وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : قَالَ لِي قَائِلٌ مِنْهُمْ : لاَ يَشُكُّ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ إدْخَالَ سُفْيَانَ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو وَأَبِي الزُّبَيْرِ فَمَاتَ فَبَاعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُدَبَّرَهُ غَلَطٌ , إلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ كَمَا قُلْت حَفِظُوهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِسِيَاقٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ حَيًّا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا غَلَطٌ لَمْ نَعْرِفْ غَلَطًا وَلاَ أَمْرًا صَحِيحًا أَبَدًا , وَلَكِنْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لاَ يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَاعَ الْمُدَبَّرَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ مَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ إلَّا وَاحِدًا مِنْ قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ التَّدْبِيرَ لاَ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَنَّهُ بَاعَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى سَيِّدِهِ ; لِأَنَّ أَقَلَّ أَمْرِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَك إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ جَائِزًا أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ وَهَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّ النَّاسَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى إجَازَةِ التَّدْبِيرِ فَلاَ يَكُونُ أَنْ يَجْهَلَ عَامَّتُهُمْ سُنَّةَ@

الصفحة 339