كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)
مَالَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ , وَلاَ تَكُونُ الْوَصَايَا إلَّا مِنْ الثُّلُثِ , قِيلَ : فَذَلِكَ الْحُجَّةُ عَلَيْك أَنْ تَجْعَلَهُ كَالْوَصَايَا فِي أَنْ تُرِقَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَتَمْنَعَ مِنْ أَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ الْوَصَايَا فَتَجْعَلَ لِصَاحِبِهِ الرُّجُوعَ فِيهِ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْوَصَايَا , فَإِنْ قُلْت : إنَّ فِيهِ حُرِّيَّةً وَالْحُرِّيَّةُ لاَ تُرَدُّ ؟ قُلْت : فَقَدْ رَدَدْتهَا حِينَ وَقَعَتْ وَإِنْ اعْتَلَلْت بِإِفْلاَسِ سَيِّدِهِ فَقَدْ يُفْلِسُ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَلاَ يَرُدُّهَا وَيَنْفُذُ عِتْقُهَا , وَقَدْ يُفْلِسُ وَلَهُ مُكَاتَبٌ قَدْ كَاتَبَهُ عَلَى نُجُومٍ مُتَبَاعِدَةٍ فَلاَ تُنْقَضُ كِتَابَتُهُ وَلاَ يُرِقُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا بِمَا يُرِقُّهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ , وَقَدْ قُلْت فِي أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ وَهِيَ حُرَّةٌ وَلَمْ يَمُتْ سَيِّدُهَا فَيَأْتِي الْوَقْتُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ عِتْقُهَا حِينَ صَارَ فَرْجُهَا مِنْ سَيِّدِهَا مَمْنُوعًا وَأَنْتَ لاَ تَرْعَى الِاسْتِسْعَاءَ بِالدَّيْنِ , قَالُوا : مُطْلَقًا لاَ يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ , قَالُوا : هُوَ حُرٌّ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ , وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ , فَقَوْلُهُمْ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمْ أَشَدُّ اسْتِقَامَةً مِنْ قَوْلِك عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِك , أَفَرَأَيْت الرَّجُلَ إنْ كَانَ إذَا أَفْلَسَ عَبْدُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ يُبَاعُ مَالُهُ وَيَحِلُّ مَا لَمْ يَكُنْ حَلَّ مِنْ دُيُونِهِ , فَكَيْفَ لَمْ يُبَعْ مُدَبَّرُهُ كَمَا بَاعَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَحَلَّ دُيُونَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ يُفِيدُ مَالاً , قِيلَ : فَلَمْ أَرَك انْتَظَرْت بِدَيْنٍ عَلَيْهِ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَجَعَلْتَهُ حَالًّا بِمَوْتِهِ . فَإِنْ قُلْت : إنَّمَا أَحْكُمُ عَلَيْهِ حُكْمَ سَاعَتِهِ وَذَلِكَ حُكْمُ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ بَيْعُ مُدَبَّرِهِ بِإِفْلاَسِهِ وَقَدْ يُمْكِنُ فِي الْمَوْتِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ عُرِفَ فَلَسْت أَرَاهُ تَرَكَ إرْقَاقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا يُمْكِنُ وَلاَ بَيْعَهُ فِي الْحَيَاةِ فِي إفْلاَسِ صَاحِبِهِ بِحُكْمِ سَاعَتِهِ وَلاَ سَوَّى بَيْنَ حُكْمِهِ فِي مَوْتٍ وَلاَ حَيَاةٍ وَقَدْ أَرَقَّهُ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ إفْلاَسٍ وَلاَ رُجُوعٍ مِنْ صَاحِبِهِ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُرِقَّهُ مَنْ أَرَقَّ الْمُدَبَّرَ وَلاَ أَحَدٌ غَيْرَهُ ; لِأَنَّ مَنْ أَرَقَّهُ فِي الْحَيَاةِ إنَّمَا أَرَقَّهُ إذَا رَجَعَ فِيهِ صَاحِبُهُ , وَقَالَ : إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا تَقَاوَمَاهُ , فَإِنْ صَارَ لِلَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ , وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ انْتَقَضَ التَّدْبِيرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ فَيَلْزَمُهُ وَيَكُونُ مُدَبَّرًا@
الصفحة 341