كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

أُبِيحَ الصَّيْدُ الْمَحْظُورُ فِي الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَالْبَيْعُ بَعْدَ الصَّلاَةِ لاَ أَنَّهُ حَتْمٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَصِيدُوا وَيَبِيعُوا , وَقَدْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ عَدَدٌ مِمَّنْ لَقِيَتْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ فِيهِ دَلاَلَةٌ غَيْرُ مَا وَصَفْت ؟ قِيلَ : أَرَأَيْت إذَا قِيلَ فَكَاتِبُوهُمْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : أَوْجَبَ كَمَا وَجَبَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا وَهُوَ مَحْدُودٌ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِتَابَةِ , أَوْ لِغَايَةٍ مَعْلُومَةٍ , فَإِنْ قِيلَ : لاَ فَلاَ يَخْتَلِفُ أَحَدٌ عَلِمْته فِي أَنَّ عَبْدًا لِرَجُلٍ ثَمَنُهُ أَلْفٌ لَوْ قَالَ لَهُ : كَاتِبْنِي عَلَى ثَلاَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي ثَلاَثِ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى هَذَا , فَإِذَا قِيلَ : فَعَلَى كَمْ ؟ فَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ : أُكَاتِبُك عَلَى أَلْفٍ فَأَبَى الْعَبْدُ , أَيَخْرُجُ السَّيِّدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَالَفَ أَنْ يُكَاتِبَهُ ؟ فَإِنْ قِيلَ : نَعَمْ , قِيلَ : فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى قِيمَتِهِ , قِيلَ : فَالْكِتَابَةُ إنَّمَا تَكُونُ دَيْنًا وَالْقِيمَةُ لاَ تَكُونُ بِالدَّيْنِ وَلَوْ كَانَتْ . بِدَيْنٍ لَمْ تَكُنْ إلَّا عَلَى مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ تَلْزَمُهُ بِكُلِّ حَالٍ وَالْعَبْدُ لَيْسَتْ لَهُ ذِمَّةٌ تَلْزَمُهُ بِكُلِّ حَالٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : وَمَلَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِبَادَ رَقِيقَهُمْ وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنْ لاَ يَخْرُجَ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيْ سَيِّدِهِ إلَّا بِطَاعَتِهِ فَهَلْ هَذَا لَمْ يُبِنْ أَنْ أَوْجَبَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ , وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ ; لِأَنَّ كُلًّا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ : وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فِي هَذَا سَوَاءٌ ; لِأَنَّ كِلاَهُمَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ وَلَوْ آجَرَ رَجُلٌ عَبْدَهُ , ثُمَّ سَأَلَهُ الْعَبْدُ أَنْ يُكَاتِبَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ مِنْ قَبْلِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَتِهِ , فَإِنَّ الْعَبْدَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْكَسْبِ بِخَدْمَةِ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَوْ كَاتَبَهُ وَهُوَ أَجِيرٌ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مُنْفَسِخَةً , وَلَوْ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ حَتَّى يُجَدِّدَ السَّيِّدُ كِتَابَتَهُ بِرِضَا الْعَبْدِ , وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ? : وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ ? دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ أَنْ يُكَاتِبَ مَنْ يَعْقِلُ لاَ مَنْ لاَ يَعْقِلُ فَأُبْطِلَتْ أَنْ تُبْتَغَى الْكِتَابَةُ مِنْ صَبِيٍّ وَلاَ مَعْتُوهٍ وَلاَ غَيْرِ بَالِغٍ بِحَالٍ وَإِنَّمَا أَبْطَلْنَا كِتَابَةَ غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْمَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ كَاتَبُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ , أَوْ كَانَتْ عَنْهُمْ غَيْرُهُمْ بِهَذِهِ الآيَةِ . وَإِنَّمَا@

الصفحة 345